منى فهد العبدالرزاق الوهيب / رأي قلمي / لا تكن كحاطب الليل!

تصغير
تكبير
لو كنا نتعامل مع بعضنا بعضاً على أساس من الموضوعية الكاملة، لَمَا كان للاختلاف أن يتسع، وتتغطرس الفجوة وتصبح هوة بئر عميقة، نواجه اليوم خلافاً عصيباً بين من يطالب بالإمارة الدستورية، وبين من يعارض هذه المطالبة، فقد تقدم الكثير بطرح الأفكار والمواعظ والرؤى والنظريات والتحليلات السياسية والنصائح من كلا الطرفين من هو مؤيد لتلك المطالبة، ومن هو معارض للإمارة الدستورية، حتى وإن لم يفهم مقصود تلك المطالبة، أو ماذا تعني إمارة دستورية؟

نحن شعب نبحث عن الجودة والتميز في جميع المجالات، وكثير منا من هو على مستوى عالٍ من الفهم بمنهجية واستراتيجية الإمارة الدستورية وأن مصدرها الدستور الكويتي، أما البعض الآخر قد لا يعي مفهوم وواقعية الإمارة الدستورية وهذا يكون أشبه بحاطب الليل الذي لا يبحث عن الحقائق إلا ليلا فيأخذ منها الصحيح والسقيم، ويعتبرون من يطالب بهذه الإمارة فقد صبأ وانحرف عن منهجية الدستور الذي سُيِّد عليه منذ 11/11/ 1962 إلى يومنا هذا.

إن للخلاف منهجية كما للاختيار منهجية، هل نحن وصلنا وارتقينا وأتقنا مفهوم سلم الاختيار، حتى نأتي ونطالب بإمارة دستورية؟ إن أولئك المطالبين أثاروا أفكارهم وطرحوها من زوايا عدة، وبأساليب متنوعة، وتناسوا أن أفهام الناس وذائقاتهم الثقافية ونخص منها السياسية وحاجتهم الفكرية والمعرفية خلال تلك الفترة المشحونة بأحداث ومواقف ساخنة، قد تطورت وتغيرت إلى حد بعيد.

برأيي لابد أن تكون للمطالبة منهجية أساسها علمي حتى لا نكرر أخطاءنا، ويكون تأثير المطالبة على عقول ونفوس الأفراد وطيدا ومُرّكزا، حتى يعرف الطرف الآخر ما له وما عليه، وهل يؤيد تلك المطالبات أو يعارضها؟ وحتى يستطيع أن يُكون رأيا ويدلي به ليفيد البلاد والعباد، وإن لم تسبق المطالبة بإمارة دستورية توعية كاملة وشاملة بمنهاج ونظام الاختيار، «لا طبنا ولا غدا شرنا»، إن كان طريق وأسلوب اختيار الوزراء والأعضاء يعتمد ركنه على المذهبية والطائفية والقبلية والعائلية،لا جدوى من المطالبات، وعلى أن تكون التوعية بمراجعة شاملة لأساليب ومفاهيم وركائز الاختيار الصحيح، وتثقيف الناس بمنهجية الاختيار السليم في شتى المجالات لمن يدير البلد ومن يمثل ويجسد دور الأمة.

علينا أن نُفّعِل دور الوازع الداخلي، لنعي مضمون الاختيار، ولمن نختار، وكيف نختار، ومن نختار؟ لا يعيبنا إن فشلنا في مرات سابقة في اختيار من هم يمثلون الأمة، ولكن العيب كل العيب أن نكرر الخطأ نفسه ونختار من دون معايير ومقاييس الأجدر والأكفأ لحمل مسؤولية أمة الكويت، وعلينا أن نوظف الاختيار في مجاله الصحيح ومداه الصواب، حتى نتدارك أي تضاد أو صراع، ويتم الاتفاق على الأجدر لتولي المناصب، ومن يمتلك صمام أمان وأداة تحكم عالية الجودة أمام الفساد والمفسدين، ولديه قوة خارقة لسد الخلل، وتنقيح المسارات لتصبح سالكة ولا شيء يعيقها للارتقاء بالبلد وغربلته من الفُسّاد، وتصفيته من ضعفاء النفوس هؤلاء الذين تقودهم نفوسهم وأهواؤهم للهاوية وإطاحة البلد في بئر السوء والشر، وحتى تتجلى النفوس لإثبات الحقائق، وتحصين أبناء البلد من الانجراف خلف تيارات الفساد والمفسدين الصاعدة، والسير خطوة تلو الخطوة على طريق النهوض بأساليب الاختيار لنرتقي بالبلد ونعيد أمجاد درة الخليج.





منى فهد العبدالرزاق الوهيب

[email protected]

twitter: @mona_alwohaib
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي