كثيراً ما نردد معاشر الرجال حديث الرسول عليه الصلاة والسلام والذي يصف فيه النساء بأنهن ناقصات عقل ودين، ونجعل ذلك سبباً في الانتقاص منهن والاستخفاف بعقولهن، إلا أنه من المهم جداً أن ندرك جيداً أن الحديث لا يعني بحال أن أي رجل ولو كان سيئاً هو بمنزلة أفضل من المرأة ولو كانت من خيرة النساء.
فلا يمكن أن يتساوى الشاب الذي لا أخلاق له ولا أدب، مع الفتاة صاحبة الخلق القويم، ولا الرجل الذي لا يصلي ولا يعرف طريق المسجد مع تلك المرأة الصوامة القوامة.
إننا نرى فئة من النساء لهن عطاء كبير في خدمة دينهن ومجتمعهن، ما عجز عنه كثير ممن يفتخرون بطول شواربهم، فكم من امرأة تراها تسعى في نشر الخير ودعوة بنات جنسها ما بين درس ومحاضرة ومؤتمر وملتقى مع عدم التفريط في حق زوجها واولادها، ثم ترى مقابل ذلك آلاف الرجال ممن لا يقدمون شيئاً في أبواب الخير.
وتسمع عن أم تعبت على تنشئة أولادها وبناتها على الاستقامة والصلاح، ليكونوا لبنة صالحة في المجتمع، في وقت تخلى فيه كثير من الرجال عن مسؤوليتهم تجاه أسرهم.
وإذا انتقلنا إلى ميدان آخر من الميادين التي برز فيه دور النساء، فإننا لا يمكن أن نغمض أعيننا عن تلك النسوة اللائي خرجن إلى الميادين للوقوف في وجه الظالمين وللمطالبة بحقوقهن المشروعة كما في مصر وتونس وليبيا واليمن وسورية، ولو كان الثمن دفع أرواحهن، فهؤلاء قدوتهن في نصرة الحق، السابقات من الصحابيات كنسيبة بنت كعب، وخولة بنت الازور رضي الله عنهن فلقد شاركن في العديد من الغزوات والمعارك من أجل نصرة الحق والدين.
وهناك من النساء من عجزن عن الخروج إلا أنهن دفعن بفلذات أكبادهن إلى ميادين البطولة والعزة والكرامة وهن يعلمن أنهن قد لا يرين أبناءهن مرة أخرى كما هي الحال في البلاد التي رفعت فيها راية الجهاد، أو البلدان التي يقف فيها الشباب العزل في وجه حكومات الظلم والطغيان، ولهن في أسماء بنت أبي بكر الصديق خير قدوة يوم دفعت بولدها عبدالله بن الزبير للوقوف في وجه المجرم الحجاج بن يوسف الثقفي وألا يرفع راية الاستسلام، حتى وإن توعده بتقطيع جسده بعد قتله.
إننا نقف أمام مشاهد نسائية رائعة تذكرنا بقول الشاعر...
ولو أن النساء كمن عرفنا
لفضلت النساء على الرجال
جمعية الرعاية الإسلامية
عندما نتحدث عن دور النساء في خدمة مجتمعاتهن، فلا يمكن أن ننسى دور الأخوات العاملات في جمعيات النفع العام ممن يخلصن في عملهن، ولا يبتغين بما يبذلن من مال ووجهد سوى رضا الله عز وجل، ولا نزكي على الله أحداً، ومن هؤلاء النساء الأخوات الفاضلات القائمات على إدارة جمعية الرعاية الإسلامية وفي مقدمهن السيدة الفاضلة دلال البشر الرومي، فلقد اطلعت على العديد من جهودهن المباركة في خدمة المجتمع، ولعل من آخرها رعايتهن لحفل الأيتام الذين ترعاهم لجنة زكاة عبدالله المبارك وجليب الشيوخ التابعة لجمعية الاصلاح الاجتماعي، حيث أقامت جمعية الرعاية في مقر لجنة الزكاة حفلا للايتام تم خلاله توزيع الهدايا والعيديات عليهم ما ادخل السرور على الايتام وأمهاتهم، وخفف شيئاً من معاناتهم.
اننا لا نملك إلا أن نقول جزى الله خيراً كل امرأة ساهمت في زرع بذرة خير في مجتمعها، وعظّم الله أجر الأمة في رجال يحسبون عليها وهم في الحقيقة عالة عليها.
عبدالعزيز صباح الفضلي
كاتب كويتي
twitter : abdulaziz2002
[email protected]