من أكبر مصادر الراحة والاطمئنان إيمانك بالقاعدة الربانية «وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم» فهي تجعلك ترى كل ما في الكون جميلاً وإن أحاطت بك الدماء والأشلاء.
يقتل أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام في غزوة أحد فينزل القرآن مخففا البلاء «ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين» ومبشراً بالعطاء «ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون».
ويأتي أبو سفيان بعد المعركة شامتاً وكان ساعتها مع جيش الكفار ليقول: أعلو هبل. فيأمرهم النبي عليه الصلاة والسلام بالرد عليه بالقول: الله أعلى وأجل. ثم يقول: العزى لنا ولاعزى لكم (والعزى أحد الأصنام التي كانوا يعبدونها) فيجيبه الصحابة: الله مولانا ولا مولى لكم. ثم قال: يوم بيوم (أي هذا اليوم هو ثأر لهزيمة يوم بدر، والقتلى بالقتلى) فيجيبه الصحابة بأمر من الرسول قائلين: لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار.
ومن هنا نقول لإخواننا المجاهدين والصابرين في سورية، إن كان «البعث» رب النظام كما قال قائلهم: آمنت بـ «البعث» رباً لا شريك له، وبالعروبة ديناً ما له ثان، فأنتم ربكم الله ودينكم الإسلام، وإن كان نصير النظام ملالي إيران، فأنتم نصيركم القائل «إن ينصركم الله فلا غالب لكم» وإن سقط منكم قتلى فهم شهداء بإذن الله، وأما قتلى «البعث» فهم إلى مزبلة التاريخ وبئس المصير.
ثم أيها الصابرون المحتسبون لا تحسبوا ما تمرون به من محن وشدة هو شر لكم، بل هوخير لكم بإذن الله، ألا تسمعون ألسنة الناس حولكم وهي تلهج بذكر الله بعد أن كان حديثها عن الليرة والدينار، ألا ترون إقبال الناس على طاعة الله والقرب منه بعد أن كانوا منشغلين عنه، ألم يكشف الله تعالى لكم خلال هذه الأزمة الخبيث من الطيب، والصادق من الكاذب، ألا تتابعون دعوات إخوانكم المسلمين في شتى بقاع الأرض ومن أعظمها عند بيت الله الحرام ومن لسان إمام الحرم وهي تسأل الله تعالى بأن يعجل فرجكم وأن ينصركم على من ظلمكم وبغى عليكم؟
إنكم اليوم تسطرون تاريخاً يكتب بماء الذهب، فلقد تميزت ثورتكم أنها قدمت أكبر عدد من الشهداء، وهم عزل من السلاح، وقد كانوا يواجهون المدافع بصدورهم العارية.
أيها الأبطال لا بد وأن يسقط هبل إن عاجلاً أم آجلاً، ونحن نشهد شهر رمضان، شهر الفتوحات الإسلامية، ومنها فتح مكة يوم دخلها النبي عليه الصلاة والسلام واتجه إلى الكعبة وكسر الأصنام التي حولها وهو يردد قول الله تعالى «قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً».
فاصبروا وصابروا ورابطوا، واعلموا أن النصر مع الصبر وأن مع العسر يسرا «والعاقبة للمتقين».
عبدالعزيز صباح الفضلي
كاتب كويتي
Twitter : @abdulaziz2002
[email protected]