من أخطر الأعمال التي قد يرتكبها الإنسان تجاه الآخرين هو التعدي على أعراضهم، ومن صور ذلك التعدي اتهام الآخرين بوقوعهم في الفاحشة، وقد عدّ النبي عليه الصلاة والسلام ذلك الفعل من السبع الموبقات أي المهلكات، وشرع الله عز وجل حد قذف المحصنات، فجعل العقوبة لقائلها الجلد 80 جلدة، وألا تقبل له شهادة، فكيف بمن يتعدى على أطهر عرض، وأشرف نسب وهو عرض نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
لقد افترى الخبيث ياسر، على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وردد كلمات يعف اللسان عن ذكرها، وأخذ يروج كلامه وينشره عبر كل وسيلة، قدوته وإمامه في ذلك رأس المنافقين ابن سلول، ولما استطال به الأمر دعاه الشيخ محمد الكوس إلى المباهلة، وهي أن يدعو كل طرف على نفسه أن ينزل الله به عقابه إن كان الكلام الذي يقوله أو يدعو له غير صحيح، وتمت المباهلة بينهما قبل بضعة أشهر، وبقي الناس ينتظرون نزول البلاء بأحد الطرفين، وقبل أيام انتشر خبر إصابة الخبيث ياسر بمرض السرطان في لسانه وفكه، وفرح لذلك الكثيرون، تشفياً ونصرة لعرض الرسول عليه الصلاة والسلام.
إلا أن المفاجأة كانت عندما خرج الخبيث على قناته الطائفية ليكذب تلك الإشاعة وليجعلها فرصة ثمينة للطعن في مصداقية مخالفيه وفي مقدمهم من قام بمباهلته وهو الشيخ الكوس.
وأمام هذه الواقعة أود توضيح نقاط عدة مهمة، ومنها أن المباهلة لا يشترط أن يصاب بعدها مباشرة أحد الطرفين بعاهة أو مصيبة، بل قد يطول الأمر وقد لا تقع العقوبة أصلاً، والأمر الثاني، أن هناك خلافاً بأن المباهلة التي تمت بين الشيخ الكوس والخبيث ياسر، لم تكن وفق الصيغة الشرعية، وبالتالي هي لم تستكمل أركانها، الأمر الثالث، أن عدم نزول عقوبة من الله عز وجل على هذا المجرم الذي طعن في عرض أم المؤمنين التي برأها الله عز وجل في كتابه إلى الآن لا يعني نجاته منها في الآخرة، والله تعالى يقول «ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار» وهو يوم القيامة.
وقد يؤجل الله العقوبة ليكون في ذلك فتنة للناس ليرى الله تعالى المصدق بكلامه وهو تبرئتها في كتابه، وبين الذين يتبعون ذلك الدعي الفاجر، أولسنا نؤمن بأن من علامات الساعة نزول الدجال، وأن الله تعالى يبقيه في الأرض فترة من الزمن اختبارا وابتلاء للناس.
كما أنني أعتقد أن إشاعة خبر إصابة ذلك المجرم بالسرطان إنما هي حيلة وخدعة استطاع ذلك الخبيث بمكره أن يوقع بعض خصومه في فخه، وليستغلها في الطعن بكل ما قاله خصومه من قبل، وهي حيلة استخدمها النظام السوري في موضوع خبر استقالة سفيرة النظام في فرنسا ثم قيامها بنفي ذلك، وكذلك نشر مقطع لضابط سوري يعلن انشقاقه من الجيش ثم يتبين أن ذلك غير صحيح، وكما قال بعض المحللين إن نظام «البعث» السوري يريد من خلال ذلك الطعن في مصداقية وسائل الإعلام، ومن ثم التشكيك فيما تبثه من صور تتعلق بالجرائم التي ترتكبها قواته.
أعتقد أنه لابد وأن يستفيد الجميع من هذه الحادثة وعدم الانجرار السريع خلف كل إشاعة، وأهمية التأكد منها قبل نشرها أو بناء التصريحات والأحكام عليها.
وختاماً أنا على يقين لا يعتريه شك بأن الله تعالى سينتقم من ذلك الخبيث، متى وأين الله أعلم؟ وسبب يقيني أن الله تعالى يدافع عن الذين آمنوا، فكيف إذا كان المفترى على عرضه هو أحب الخلق إليه، ولقد جاء في الحديث القدسي في ما يرويه نبينا عليه الصلاة والسلام عن ربه أنه تعالى يقول «من آذى لي ولياً فقد آذنته في الحرب» فكيف والتي تم إيذاؤها هي المبرأة من فوق سبع سماوات.
أنا على يقين بأن لعنة الله ستحل بذلك الخبيث لأن الله تعالى يقول «إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً»، وهل هناك أذى يتعرض له الرسول عليه الصلاة والسلام أكثر من الطعن في عرضه؟
عبدالعزيز صباح الفضلي
كاتب كويتي
[email protected]