في الحقيقة لم أكن أدرك أن للشام كل هذه المكانة العظيمة في الإسلام، فمن يقرأ أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام في الثناء والمدح للشام وأهلها، يدرك كم للشام من أثر في الدفاع عن الإسلام والمسلمين.
ففي الحديث «تلك ملائكة الله باسطوا أجنحتها على الشام» وفي حديث آخر عن أهل الشام يقول عليه الصلاة والسلام «إذا وقعت الملاحم بعث الله من دمشق بعثاً من الموالي أكرم العرب فرساً وأجودهم سلاحاً يؤيد الله بهم الدين» وفي حديث ثالث «ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام».
هذه المدينة فتحها المسلمون في عهد الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، واتخذها الأمويون عاصمة لدولة خلافتهم، ومنها انطلقت الكثير من جيوش الفاتحين. من يقرأ تاريخ الشام يرى كم وقف أهلها في وجه كل مستبد أو مستعمر، فلقد واجهوا الدولية العبيدية الباطنية الضالة، كما تصدوا للغزو التتري في عهد الإمام ابن تيمية رحمه الله، وانتصروا عليهم في معركة «شقحب».
وفي معركة «ملاذ كرد» استطاع القائد المسلم السلطان ألب أرسلان هزيمة البيزنطينيين برغم أن ميزان القوة كان لصالح النصارى، وتمكن المسلمون من أسر قائد جيش العدو رومانوس والذي افتدى نفسه بعد ذلك بمليون ونصف المليون دينار، وكانت تلك الهزيمة للبيزنطينيين هي بداية النهاية لدولتهم.
وفي العصر الحاضر لم يتخل أهل الشام عن الدفاع عن بلادهم، فلقد استطاعوا في العهد العثماني من صد الهجوم الذي قاده نابليون، وعندما وقعت الشام تحت الاحتلال الفرنسي، لم يقر لهم قرار حتى تم طرد المستعمر من بلادهم، ومن أشهر الثورات تلك التي قامت عام 1925 بقيادة سلطان باشا الأطرش.
إن بلاد الشام أرض مباركة أنجبت قادة عظاما كأمثال الإمام ابن تيمية وياقوت الحموي والقائد الفذ عز الدين القسام، كما يرفض أهلها الذل والهوان ومن تعرض لهم بسيف البطش قهروه بسيف العز، فلا تخافوا على الشام فإنها تطرد الخبث.
دع الشام فجيش الله حارسها
من يقحم الغاب يلق الضيغم الحردا
عزت على كل فرعون عرينتها
ما روضت ويروض القانص الأسدا
بين حسني والقذافي
من يرى البطش والتنكيل وأنهار الدم التي تسيل في سورية وليبيا، يترحم على أيام الرئيسين المصري والتونسي المخلوعين، وإذا ما قورن بطشهما الذي مارساه ضد المتظاهرين، مع ما يجري اليوم على أرض الشام وليبيا، اعتبر ذلك البطش مجرد نزهة.
خصوم بن لادن
أن يتهم بعض الليبراليين بن لادن على أنه عميل لأميركا، قد يكون ذلك مقبولاً، لكن أن يصدر ذلك ممن ينسبون للدعاة وطلبة العلم فتلك هي المصيبة، وتسمع آخر يقول ماذا قدم بن لادن للإسلام؟ ونسي من فجر في الخصومة، الدعم المالي الكبير الذي قدمه للمجاهدين إبان الغزو الروسي، وتضحيته بحياة الرفاهية من أجل العيش مع قضايا الأمة، ستقفون جميعاً أمام الله تعالى فيسألكم عن ادعاءاتكم فبماذا ستجيبون؟ لقد مضى بن لادن لربه وكأن لسان حاله يقول لكم:
إلى ديان يوم الدين نمضي
وعند الله تجتمع الخصوم
ستعلم في المعاد إذا التقينا
غداً عند المليك من الظلوم
عبدالعزيز صباح الفضلي
كاتب كويتي
[email protected]