أصبت كغيري بدهشة مصحوبة بالألم وأنا أقرأ خبر كتابة عبارات مسيئة على جدران أحد المساجد فيها تعدٍ على أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها. وازداد الألم والحسرة لما وصلتني الصور التي تنقل ذلك الإسفاف والانحطاط الذي وصل إليه البعض في سب وشتم أم المؤمنين عائشة والطعن في عرضها. ثم صدمت أكثر عندما تكررت الوقاحة لتكتب عبارات مشابهة على جدران مدرسة أبي القاسم الشابي.
لقد أكرم الله عز وجل زوجات النبي عليه الصلاة والسلام أولاً بالاقتران به، وثانياً لما أعطاهن لقباً كانت النساء تطمح لنيله ألا وهو أمهات المؤمنين، كما في قوله تعالى «النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم» وبذلك أصبحن أمهات للمؤمنين، وصار لزاماً على كل مسلم أن يبر أمه ويحسن إليها، أما من يؤذيها ويسيء إليها فهو العاق بعينه، والعقوق من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله.
ومن عجائب الحكم الربانية أن الله تعالى أنزل براءة عائشة رضي الله عنها مما اتهمت به في القرآن، لتبقى آيات براءتها تتلى إلى يوم الدين، وعند أهل العلم أن من اتهم عائشة بالفاحشة فقد كفر لأنه مكذب لصريح القرآن.
أنا أتعجب في الحقيقة ممن يتعرض لعرض عائشة رضي الله عنها ألا يخاف على نفسه، إن النبي عليه الصلاة والسلام حذر من تتبع عورات المسلمين،لأن من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ثم يفضحه في أهل بيته، فتخيلوا أن هذا التحذير لمن تعرض لبيوت المسلمين، فكيف بمن يتعرض لعرض الرسول عليه الصلاة والسلام؟ ومن سنن الله عز وجل المعلومة أن الجزاء من جنس العمل، ومن طعن في أعراض الناس سيعاقب بمن يطعن في عرضه.
إن من يسب أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام إنما يستجلب اللعنة على نفسه، وفي الحديث «من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» فكيف بمن يتجرأ على السب والطعن بعرض أحب الناس إلى رسول الله وهي عائشة رضي الله عنها.
أرى من الواجب الشرعي والأخلاقي ألا تمر هذه الحادثة مرور الكرام، و أنا أطالب أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية بالقيام بالدور الذي استأمنهم الله تعالى عليه في الحماية والدفاع عن ثوابت الأمة ومنها عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن الواحد منا لا يقر له قرار لو شتم أو قذف أحدا من أهل بيته حتى يأخذ حقه، فهل أعراضنا أكرم من عرض رسول الله عليه الصلاة والسلام، حاشا وكلا.
شكراً يا أوقاف
في مقالة سابقة أشرت إلى جرأة البعض في المغازل داخل أسوار بعض المساجد، وقد تحرك الأخوان الفاضلان وليد شعيب الوكيل المساعد لقطاع المساجد، ومرضي العنزي مدير إدارة مساجد الفروانية في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع مثل هذه المخالفات، فشكر الله سعيكما، وكم أتمنى أن تنتقل العدوى إلى وزارة الداخلية، لتقوم بما تحتمه عليهم المسؤولية الأمنية تجاه هذا الموضوع خاصة.
عبدالعزيز صباح الفضلي
كاتب كويتي
[email protected]