عصفت في الكويت خلال الأيام الماضية عاصفتان، كشفت كل منهما ما كان خافياً، العاصفة الأولى رملية لم تمر على البلاد مثلها منذ زمن بعيد إلا أنها فضحت كثيراً من صور التقصير وسوء التخطيط وعدم الاستعداد عند الجهات الرسمية.
فإدارة الأرصاد الجوية يبدو أنها في واد والأحوال الجوية في واد، فمثل هذه العاصفة الترابية كان يمكن التنبؤ بقدومها قبل أيام فضلاً عن ساعات، فهناك أجهزة رصد حديثة ومتطورة تمكن من التعرف على التغيرات المناخية بصورة شبه دقيقة وقبل حدوثها، فإن كنا لا نملكها في الكويت فتلك مصيبة، وإن كنا نملكها ولم نحسن استخدامها عند حاجتها فالمصيبة أعظم.
يصرح بعض المسؤولين في إدارة الأرصاد أنهم أخبروا قنوات الإعلام الرسمية عبر رسائل sms قبل ساعة ونصف الساعة فقط من وقوع العاصفة، والتي للأسف كما يقولون تجاهلت ذلك ولم تعلن عن العاصفة إلا في وقت متأخر.
ويقول أحد المسؤولين بأنه كان في إجازة ولكن من باب الحس الوطني بعث تلك الرسائل، والتساؤل هنا، هل رصد الأحوال الجوية وتقدير الظروف مرتبط بشخص واحد، أم أننا دولة مؤسسات؟
مصيبتنا في الكويت والعالم العربي بشكل عام أننا لا ننتبه للخطر إلا بعد وقوعه، بينما في العالم المتطور يتهيأون للأمور قبل حدوثها، ويتعاملون بمبدأ (الوقاية خير من العلاج) وأعتقد أن إدارة الأرصاد الجوية تتحمل جزءاً من المسؤولية تجاه المتوفين والمفقودين، فمن خرج للبحر غالباً ما يتأكد من استقرار حالة الطقس، ولو كان هناك تنبيه مسبق لربما كان بالإمكان تدارك الخطر.
إعلامنا الرسمي يستحق أن نكبر عليه أربعاً، فخلال العاصفة كنت في البر وأردت معرفة قوة العاصفة، ومدة استمرارها، وما الاحتياطات الواجب اتخاذها، وما أهم الإرشادات المرورية اللازم اتباعها في طريق العودة؟ ولا أخفي سراً إن قلت أنني أصبت بخيبة أمل، فالمحطات ساهية لاهية، منها ما يبث برامج حوارية وأخرى أغان وثالثة أحاديث دينية لا علاقة لها بما يجري، جعلتك تشعر وكأن العاصفة في بلد آخر.
من الأمور التي كشفتها العاصفة الجهل الكبير عند بعض الناس في التعامل الشرعي مع هذه الآيات الكونية، فالنبي عليه الصلاة والسلام علمنا ألا نسب الريح، وأن نسأل الله تعالى من خيرها وخير ما أرسلت به، وأن نستعيذ بالله تعالى من شرها وشر ما أرسلت به، إلا أن بعض الناس أخذ يطلق النكت ويستهزأ بمصدر هذا الغبار، وكأنه يجهل أن مصرف الكون هو الله. فاللهم لا تأخذنا بما قاله السفهاء منا.
الثانوية والرجل المعمم
العاصفة الثانية هي من نوع آخر شهدت أحداثها إحدى مدارس الثانوية للبنات، فلقد أوردت بعض الصحف المحلية والمواقع الإلكترونية خبراً عن قيام مديرة تلك المدرسة باستضافة رجل معمم إيراني، ليلقي محاضرة على الطالبات عن الخلوة الشرعية والزواج، ويخوض بمسائل لا تتناسب مع الفئة العمرية المعنية فضلاً عن كونهن طالبات.
هذه الحادثة جعلت الأهالي يعتصمون أمام المدرسة ويطالبون بمحاسبة مديرة المدرسة وإقالتها، ومحاسبة كل من سمح بإقامة هذه المحاضرة المشبوهة، ونحن نضم صوتنا إلى الأهالي ونطالب وزيرة التربية بمحاسبة كل من لم يفرق بين الحسينية والثانوية، ومحاسبة من يريد فرض توجهات مذهبية خاصة على طلبتنا في المدارس، وأتمنى إن ثبتت التهمة ألا يتهاون في معاقبة المتسبب بها، فالبلد ما ناقص فتنة.
عبدالعزيز صباح الفضلي
كاتب كويتي
[email protected]