No Script

عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / حماقات أسقطت زعامات

تصغير
تكبير
يقولون «النملة إذا ريشت دنى زوالها»، وكثير من الطغاة والظالمين إذا أراد الله عز وجل زوال ملكهم جعلهم يرتكبون حماقات تعجل في هلاكهم، لما رأى فرعون سيدنا موسى عليه السلام يجتاز البحر، لم يحتمل رؤية عدوه ينجو، فأصر على اقتحام البحر، وبرغم أن مجرد رؤية البحر ينفلق لموسى كان كافيا لجلاء الرؤية عند فرعون بأن موسى نبي مؤيد من إله لا يعجزه شيء إلا أن الكبر والحماقة أورداه الهلاك.

وفي قصة أصحاب الأخدود التي جاء ذكرها في الكتاب والسنة، حاول الملك- والذي كان يدعي الألوهية- التخلص من الغلام الذي كان يدعو الناس إلى التوحيد، فكلف بعض زبانيته بأن يلقوه من أعلى الجبل فحماه الله وعاد سالما، وفي المرة الثانية حاولوا إلقاءه في البحر فأنجاه الله، فقال الغلام للملك لن تستطيع قتلي إلا أن تجمع الناس في مكان واحد وتأخذ سهما من كنانتي وتقول بصوت مرتفع بسم الله رب الغلام ثم ترميني به، ولشدة اندفاع الملك للتخلص من الغلام بأي طريقة، نفذ وصيته، فأخذ السهم وقال «بسم الله رب الغلام» بصوت عال سمعه كل المجتمعين، ثم رمى الغلام فأصابه في مقتل، عندها صاح الناس: آمنا برب الغلام، فقال بعض أصحاب الملك لقد وقع ما كنت تحذر، إذ آمن الناس برب الغلام وكفروا بك، فما كان منه إلا أن حفر الأخاديد وأشعل فيها النيران وألقى بها أهل الإيمان.

ولقد توعد الله تعالى ذلك الظالم بقوله «إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق».

في مصر- إبان حكم الرئيس السابق وأثناء الثورة- أراد الرئيس المخلوع تهدئة الثائرين فألقى خطابا كسب به تعاطف البسطاء، حتى أن بعضهم ذرف الدموع عند سماعه، ولكن الناس فوجئوا في صباح اليوم التالي بهجوم المئات من البلطجية وهم يركبون الخيل والبغال والجمال، وبأيدهم سيوف وهراوات يعتدون بها على الناس، فتحول- بهذه الحماقة- تعاطف الناس مع الرئيس إلى كره وبغضاء، ومن التسامح معه إلى المطالبة بخلعه، وكان هذا التصرف سواء كان بأمر من الرئيس أو باجتهاد من أعوانه سببا في سرعة إسقاطه.

لقد كانت حماقة طاغية العراق صدام، سببا في غزوه للكويت، وكان عاقبة هذه الجريمة... تدمير جيشه، ثم حصاره، وتوالت النكابات عليه حتى غزي في داره وانتزع ملكه وتم إعدامه.

وما يجري على أرض ليبيا «المختار»، لينبىء عن قرب زوال حكم مجنونها بإذن الله، فمن الحماقات التي وقع بها نظام القذافي استعانته بالمرتزقة من دول أفريقية، ما دفع الناس إلى زيادة السخط عليه فكيف بحاكم يجلب الأجانب لقتل أبناء بلده، ومن الصور الدالة على طيش النظام وفقده لصوابه، استخدامه للطيران والأسلحة الثقيلة ضد المعارضين، ليقع ضحايا تلك الهجمات العديد من الأبرياء، وها هو العالم يوما بعد آخر يتعاطف مع الثورة الليبية، ويسعى في اتخاذ قرارات تضيق الخناق على رقبة نظام القذافي، وكان آخرها قرار الجامعة العربية، الذي يطلب من مجلس الأمن فرض حظر جوي على النظام الليبي.

أعتقد أن القذافي- وبما عرف عنه من مواقف تدل على تهوره وغرابته- سيلجأ إلى ارتكاب مجزرة «لا نتمناها» ستكون السبب في التعجيل بهزيمته وسحله في الشوارع بإذن الله.

اللهم احفظ ليبيا... واحقن دماء شعبها، وخلصها من الكابوس الجاثم على صدرها، عاجلا غير آجل يا رب العالمين.





عبدالعزيز صباح الفضلي

كاتب كويتي

Alfadli-a@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي