علي الرز / لن يتجاوز الأربعين

تصغير
تكبير
| علي الرز |

كيف تجرأنا في مثل هذا اليوم قبل سنوات ست على الحزن والغضب والتمرد؟ كيف ارتكبنا خطيئة الثورة على واحد من أوسخ الأنظمة الأمنية المشتركة في العالم؟ كيف بكينا؟ هتفنا؟ نزلنا بسلاح الكرامة إلى الساحات؟ رفعنا شعارات الحرية والسيادة والاستقلال؟

مجانين هؤلاء أو متآمرون؟ قالها لاحسو أحذية رجال النظام القديم. آخرون اضافوا اننا عاطفيون، بعضهم اطلق تنظيراته الشهيرة «اعطوهم اسبوعا فيفكون الحداد، وإذا استمرت الاعتصامات فلن يتجاوز حزنهم الاربعين يوما»، وبعضهم قال لأسياده «رفيق الحريري ليس اغلى من رؤساء جمهورية راحلين ورؤساء وزراء سابقين ورجال دين... فورة وتنتهي في ايام».

أما وأنها لم تنته في ايام ولا سنوات، فكان لا بد ان تتغير طريقة التعامل كي يضيع دم الشهداء بين القبائل... رفاق الرفيق يلتحقون به في مسيرة الفداء لكن الخوف يتعاظم في قلوب القاتلين لا في قلوب غيرهم. كيف تغير جريمة اغتيال قواعد نظام امني حكم لثلاثين عاما؟ تساءلوا وهم يتابعون بضيق تدفق الدماء الشابة الى قلب بيروت لتضخ فيه الحياة من جديد. من هو هذا الرجل الذي اثخناه بالجراح ووزعنا الشتائم على رموز قيادية من كل الطوائف لتطلقها عليه قبل فترة طويلة من اغتياله فاذا بالطوائف تتمرد على قياداتها وتعتصم مطالبة بالحقيقة؟ «لم تكن توقعات جماعتنا دقيقة، إما لانهم كانوا متفرغين لنهب المدينة وإما لانهم أسرى التفكير الاسود...».

في لبنان، يصلح الحليف ما افسده غباء الآخرين. هنا الطوائف تعود الى عرينها. هنا الانقسام يبدد الانجاز. هنا السلاح يحكم ويتحكم. هنا الحشود تقابلها حشود. وهنا قلب بيروت يمكن ان ينبض باتجاهين يكفلان اضعافه. لا حرية خارج السلاح ولا سيادة خارج المحور ولا استقلال خارج جمهورية الرعب ولا حقيقة الا ما نقوله... تريدونها بالانصياع؟ اهلا وسهلا، تستمرون في الرفض؟ نقنعكم بـ «الايام المجيدة» و«القمصان السود».

أصلح الحليف ما افسده غباء الآخرين. خاف من خاف وغادر المسيرة عن «قناعة» بعد فترة تأمل في الوسطية. أصابت العدوى من اصابت فصار «دم السنة يغلي غلي» في مواجهة «دم الشيعة يغلي غلي»، وانتظر المنتظرون زخما جديدا لثورة الارز تستلهم مبادئ المارد الوطني فسمعوا قصص «المارد السني»... ابتسم من ابتسم في الممانعة رافعا شارة النصر.

ومع ذلك، فأنت الكفيل تصحيح المسار حيا وشهيدا. ست سنوات ونحن على مشارف غد قريب لا يريدون لشمسه ان تشرق. اشرقت في قلوبنا وعقولنا وافكارنا ومشاعرنا واراداتنا، والخوف كل الخوف ان تغرب على انقسام وفرقة وتشتت وضياع. قل لهم مجددا يا دولة الرئيس الشهيد ان الوطن اكبر من الطوائف وان احدا لا يمكنه ان يكون اكبر من البلد. قل لهم ان مارد الخوف في قلوبنا هو مارد الطائفية والالتحاق والتبعية. قل لهم ان يعودوا الى 14 آذار. قل لهم اننا كنا شرارة التغيير في العالم العربي كله يوم انتصر حزننا على السيف. قل لهم انك قدمت روحك ثمنا لقيامة لبنان... وقل لهم الا يقتلوك مرتين.

«لن يتجاوز حزنهم الاربعين يوما». راهن القتلة او صبيان القتلة... ليتهم ما قتلوك يا ابا بهاء وما راهنوا... ليتهم استودعوا الله بلدهم وشعبهم.



[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي