No Script

عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / هلاك فرعون

تصغير
تكبير
من سنن الله تعالى التي لا تتغير أو تتبدل هي انتقامه سبحانه من الظالمين، وإزالته لسلطانهم وإن طالت مدة حكمهم، وقد تكرر ذكر قصصهم في القرآن وكيفية انتقام الله عز وجل منهم، لتكون عبرة لمن يأتي من بعدهم، ومن أشهر هؤلاء فرعون مصر، فقد كان من ظلمه ادعاؤه بأنه الإله الأوحد الذي لا ينبغي لأحد أن ينافسه على هذه المكانة فكان يقول للناس «ما علمت لكم من إله غيري»، وكم من الزعماء اليوم يكررون الفكرة نفسها على أنه الرئيس الأوحد، ولا يمكن لأي بشر أن يتجرأ فينافسه على الرئاسة.

فرعون كان يستخدم أسلوب التهديد والوعيد لخصومه فقد قال لموسى عليه السلام «لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين». وبعض الظالمين اليوم أعدوا السجون والمعتقلات لا للمجرمين والخارجين على القانون وإنما لكل من يطالب بتغيير الرئاسة أو تحديد مدتها.

استعان فرعون بالسحرة والدجالين لتثبيت ملكه، وكثير من الرؤساء اليوم يستعين بالإعلام المضلل الذي يعمل عمل السحر في قلب الحقائق وتزوير الوقائع.

اغتر فرعون بأملاكه فقال «أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون» وهو ما اغتر به بعض الزعماء، من أملاك ومليارات و استثمارات ظن أنه من خلالها يمكنه شراء الناس واستعبادهم.

أراد فرعون إثارة الناس وتخويفهم من موسى فقال «إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره» وهي تهم يستخدمها الطغاة اليوم في تشويه صورة من يقف في وجوههم بزعم أنهم عملاء لقوات خارجية، وبأن لهم مآرب أخرى غير المعلنة، وأنهم يريدون السيطرة على الحكم لفرض أجندات خاصة.

استهان فرعون بمن حوله فقال «إن هؤلاء لشرذمة قليلون» وهي الاستهانة نفسها التي يقع فيها الزعماء عندما يقولون عن المخالفين لهم «هؤلاء شوية عيال» وإذ بالعيال يصل عددهم للملايين.

لم يكن فرعون يتوقع يوماً أن من كان يستعين بهم لتعزيز ملكه سينقلبون عليه ولكن هذا ما حدث للسحرة عندما رأوا الحق، وكم من زعيم فوجئ بتحول أصدقاء الأمس من سياسيين وإعلاميين ومفكرين إلى أعداء وخصوم اليوم.

عندما أدرك فرعون قوة الخصوم بدأ باستخدام أسلوب التهديد والوعيد فقال «لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين»، وهو ما اتبعه الظلمة من سجن واعتقال وتسليط البلطجية لقمع المخالفين.

لكن النتيجة التي لم يكن يتوقعها فرعون ومن هم على شاكلته أن من أبصر الحق لا يمكنه التخلي عنه، وأن حاجز الخوف قد كسر لذلك قال السحرة لفرعون «لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون» وهو ما يردده الشباب الثائر بأنه على استعداد للتضحية بحياته من أجل نصرة قضيته.

ثم تأتي اللحظة الحاسمة لنهاية الطغاة عندما يبلغ الظلم مداه فيستخدمون آخر أوراقهم لتعزيز ملكهم وهو القضاء على المخالفين بالقتل، وهو الأسلوب الذي استخدمه فرعون حين سار مع جنوده خلف موسى عليه السلام وأتباعه، وحاصرهم عند البحر، ثم تحققت المعجزة بانفلاق البحر ونجاة موسى إلا أن فرعون الذي أعمى الملك بصره لم يتخيل أن ينجو المعارضون له فاقتحم البحر لتكون فيه نهايته.

هلك فرعون مصر، ولكن الله عز وجل أنقذ جثته لتكون عظة وعبرة لمن بعده فقال «فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية» فهل يعتبر من ذلك فراعنة العصر؟

نداء

لكل ظالم وباغٍ هل يستحق كرسي الملك قتل الشباب وإراقة الدماء وإزهاق الأرواح، وتعطيل مصالح العباد والبلاد؟، فأي ذكرى تتركونها في أذهان الناس وأنتم في آخر أيامكم؟





عبدالعزيز صباح الفضلي

كاتب كويتي

Alfadli-a@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي