No Script

عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / يوم التحرير... وميدان التحرير

تصغير
تكبير
استسمح القراء الكرام بأن أشير إلى أوجه الشبه المتعددة ما بين الأجواء التي عشناها في الكويت خلال الغزو العراقي الغاشم، وبين أجواء الثورة الشعبية في مصر، وخاصة للمتواجدين في ميدان التحرير، وبرغم وجود فارق كبير بين هجوم دولة على أخرى واحتلالها، وبين ثورة شعبية داخلية تطالب بسقوط النظام، إلا أنني أرى أن هناك تشابها كبيرا في المشاعر والأحداث.

لقد شهد العالم بتلاحم الشعب الكويتي بمختلف أطيافه أثناء الاحتلال فترى السني والشيعي في خلية مقاومة واحدة، وترى الحضري مع البدوي يديران جمعية تعاونية في المنطقة نفسها، وهذا ما يشاهده الناس اليوم في ميدان التحرير، فقد ضم الغني والفقير، الإسلامي والليبرالي، المسلم والمسيحي، شيوخ وعلماء الأزهر مع مغنين وملحنين، والكل له هدف واحد وهو تذوق طعم الحرية والتخلص من الظلم والاستبداد.

لقد سقطت الحكومة الكويتية أثناء الغزو، لكن الناس استطاعوا تنظيم أنفسهم، وترتيب أوضاعهم، فمنهم من أدار المقاومة المسلحة، وآخرون ساهموا في الميدان الصحي، وقسم ثالث نسق المجال التكافلي، وعند الانتقال إلى ميدان التحرير نرى كيف نظم المعتصمون أنفسهم، فهناك لجان أمنية تهتم بالتحقق من هويات الداخلين للميدان وتفتيشهم، وهناك اللجنة الطبية التي تقوم بعلاج المرضى والمصابين وقد انشؤوا صيدلية ميدانية، وهناك المشرفون على التغذية والطعام، وغيرها من اللجان التي اكتسبت إعجاب العالم، فتنظيم تواجد أكثر من مليوني متظاهر في مكان واحد يختلفون في ثقافاتهم وطباعهم ولأيام عدة ليس بالأمر الهين.

الكويتيون من أجل الحصول على حريتهم قدموا الكثير من التضحيات، فسقط منهم الشهداء، ووقع بعضهم في الأسر، وأصيب البعض بإعاقات، وبذل آخرون أموالهم، والمطالبون بحقوقهم في مصر قدموا الكثير، سقط منهم 11 شهيدا، وأصيب الكثيرون بجروح خطيرة، منهم من ترك وظيفته التي هي مصدر رزقه، وآخرون ينامون في العراء برغم امتلاكهم لأفضل المساكن، لكن كل ذلك يهون من أجل تنفس هواء الحرية.

رأينا خلال الغزو حرص الكثير من الناس على تقوية العلاقة مع الله عز وجل فهو مالك الملك وهو القادر على كل شيء، وهو الحافظ والمعين وبيده المقادير وتصريف الأمور، وهو الملاذ لكل مستجير، فامتلأت المساجد، وتعود الناس صيام الاثنين والخميس، والمشهد يتكرر في ميدان التحرير فالصور الحية تنقل لنا إقامتهم لصلاة الجمعة والجماعة، وقراءتهم للقرآن، وإقامتهم للدروس والمحاضرات، لأن الكل يوقن بقوله تعالى «إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون».

شباب الصحوة الاسلامية كان لهم دورهم الواضح أثناء الاحتلال من خلال مشاركتهم في جميع اللجان السابق ذكرها، دون بخس للآخرين، والدور نفسه يقوم به شباب الجماعات الإسلامية في مصر، ما يدل على أن ولاءهم لأوطانهم، وأنهم ليسوا مسيرين من الخارج، وبأنهم من لحمة المجتمع وأحد مكوناته الأساسية.

وأخيراً لقد كثرت المطالبات لطاغية العراق بالانسحاب من الكويت حقنا للدماء، وبعضها صدر من الرئيس المصري الحالي نفسه، لكنه أصر على عناده حتى خرج مطروداً من الكويت في شهر فبراير، واليوم هناك الكثير والكثير من المطالبات والمناشدات للرئيس حسني مبارك، بأن يترك الحكم، حقنا للدماء وتحقيقا لمصلحة مصر وشعبها، وأتمنى أن يستجيب الرئيس لتلك المطالبات، لأن في اعتقادي أن رحيله عن الحكم سيكون في فبراير أيضاً. والله أعلم.





عبدالعزيز صباح الفضلي

كاتب كويتي

Alfadli-a@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي