No Script

عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / آه... يا الكرسي

تصغير
تكبير
كرسي الرئاسة، أياً كان موقعه، له بريق يخطف الأبصار ويسلب العقول، ولذلك يخطط كثير من الناس من أجل الوصول له، منهم من يريد من خلاله تحقيق السمعة والشهرة، وآخرون يرونه بقرة حلوبا تحقق لهم الثراء السريع، ومجموعة ترى في المنصب تحقيق لذة السلطة والسيطرة، وقليل من يسعى إليه من أجل الإصلاح.

والعامل الذي يكاد يكون مشتركا بين هؤلاء أنه ما من أحد منهم يصل إلى كرسي الرئاسة إلا ويصبح من العزيز عليه مفارقته، ولو طلبت منه التنحي وإعطاء الفرصة للغير فكأنك تطلب نزع روحه، ولذلك ترى الكثير منهم على استعداد للتضحية بمن حوله من أجل المحافظة على ذلك الكرسي، والتاريخ الماضي والحاضر يشهد بذلك.

لقد حذر الرسول عليه الصلاة والسلام من فتنة الكراسي والمناصب فقال عنها «نعمة المرضعة وبئست الفاطمة»، وعندما أتاه أبو ذر يسأله الإمارة قال «إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة» في إشارة إلى أن من يتولى أي مسؤولية فعليه أن يتحمل تبعاته، والله تعالى سيسأل كل راع عمن استرعاه أحفظ أم ضيع، وكلما زاد عدد من تتولاهم كلما عظمت المسؤولية، وقف عمر بن الخطاب على جبل عرفات ومعه ولده عبدالله، فقال الولد: أترى يا أبت هؤلاء الحجيج، كل منهم سيسأله الله تعالى عن نفسه إلا أنت فسيسألك عن هؤلاء جميعاً.

إن تولي المنصب يحتاج لشرطين أساسيين ذكرتهما ابنة سيدنا شعيب عندما اقترحت على أبيها استئجار موسى عليه السلام لرعي الغنم فقالت «يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين» فإذا كان هذان الشرطان مهمبن لرعي الغنم، أليس من باب أولى أن يتحققا في من أراد سياسة البشر؟

لقد حذر النبي عليه الصلاة والسلام الرجل من أن يؤم الناس في الصلاة وهم له كارهون، وأشار إلى أن الله تعالى لا يقبل صلاته، وقد يكون من يصلي خلفه العدد القليل، وأنا أتعجب ممن يصر على قيادة شعب تعداده عشرات الملايين، والناس له كارهون.

هناك شخصيتان أعتقد أن التاريخ لن ينساهما، العامل المشترك بينها هو أنهما توليا الحكم لكنهما تنازلا عنه حقنا للدماء وتوحيداً للكلمة وجمعا لشمل الأمة والدولة، الأول هو سيد شباب أهل الجنة وريحانة النبي عليه الصلاة والسلام الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والذي تنازل عن الحكم لصالح معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وليكون بذلك قد حقق بشارة الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال عن الحسن «إن ابني هذا لسيد، ولعلّ الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين».

والشخصية الثانية هو الرئيس السوداني السابق عبدالرحمن سوار الذهب والذي عندما تولى زمام السلطة في السودان بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بالنميري، قام بتسليم الحكم والرئاسة لرئيس الحكومة المنتخبة وقتها الصادق المهدي ليكون بذلك قد وفى بعهده الذي أعلنه بعد نجاح الانقلاب.

نتمنى أن نشهد خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة رؤساء وزعماء يتنازلون بإرادتهم عن الحكم من أجل حقن دماء أبناء شعبهم، وتحقيقاً للاستقرار في بلدانهم، قبل أن تطيح الشعوب بهم، ونتمنى منهم ألا يتأخروا بذلك، فخير البر عاجله.





عبدالعزيز صباح الفضلي

كاتب كويتي

Alfadli-a@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي