إن التطور الإسلامي للحياة (المنظومة الإسلامية) مبني على أساس التكوين الجماعي للمجتمع وليس على الفردية الأنانية. أي لا فرق بين رجل وامرأة في حقوقهما وواجباتهما في الإطار الجماعي، وإن وجدت فروق فهو في احتشام الأنثى وتمسكها بالحجاب الشرعي مع غير المحارم.
وهذه المساواة ما بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات لا تجعلنا نقبل أن تُميّع حدود العلاقات بين الرجال والنساء فيُدعى إلى السفور والتبرج والاختلاط من دون مراعاة الضوابط الشرعية، وما ذاك إلا لأن ديننا دين الوسطية لا إفراط ولا تفريط. أي لا نتشدد في الدين ولا نترك الحبل على الغارب فترتع النفوس المريضة كيفما تشاء، ومن الواجب أن تتم التربية على أسس ثابتة وصحيحة، بحيث تكون الرقابة الذاتية هي المانع الأول للفرد عن الحرام، ثم يجب أن تضاف إليها الرقابة الاجتماعية التي تضمن الحفاظ على صرح المجتمع آمناً مستقراً.
لا يخفى على أحد منا بأن للمرأة حقوقا خاصة فيها في محيط الأسرة، وحقوقا عامة للمرأة في المجتمع، ولنيل هذه الحقوق يجب التركيز على مكانة المرأة وحقوقها في الأصول الإسلامية الممثلة بالقرآن الكريم والسنة النبوية. والنموذج البشري الكامل الذي تجلى في النبي والذي لم يترك حقاً للمرأة إلا ومنحها إياه، ودفع كل ما علق في الأذهان من تقليل لشأن المرأة وانتقاص دورها في الحياة وإنكار أهليتها للمشاركة في الحياة بكامل أطيافها.
لقد حث الله جل جلاله على التغيير والتطور من قبل آلاف الأعوام، في سورة الرعد حيث قال تعالى «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم». ومنه ضرورة تغيير وضع المرأة الحالي ومنحها حقوقها الشرعية كاملة غير منقوصة. والتغيير لا يكون إلا تدريجياً ومن خلال الإقناع والحوار والجدال بالتي هي أحسن، وكشف كثير من حقوق المرأة التي طمست عبر الزمن. وكشف سموم وآراء المستشرقين التي بثوها وروجوها بين الأوساط الإسلامية والعربية بأن الإسلام هو المسؤول عن النظرة الدونية للمرأة، وأن المرأة لن تصل إلى حقوقها إلا باتباع النهج الغربي.
وفي الحقيقة سير المرأة المسلمة على خطى المرأة الغربية التي تنكرت لفطرتها الأنثوية لن يعود إلا بالوبال على المجتمع كله. لقد جاء في ما نصه بإحدى مواد وثيقة الأمم المتحدة لحقوق المرأة ما يلي «الحقوق المدنية والسياسة والتعليم والرعاية الصحية والحياة الاقتصادية والاجتماعية والزواج والعلاقات العائلية ورفض الاتجار بالمرأة واستغلال بغاء المرأة». وفي مادة أخرى في الوثيقة تنص على أن «منع كل ما يهين المرأة ويقلل من كرامتها الإنسانية مثل: الضرب والتعدي الجنسي على أطفال الأسرة البنات والعنف المتصل بالمهر واغتصاب الزوجة وختان الإناث (المنهك والمبالغ فيه) والعنف غير الزوجي والعنف المرتبط بالاستغلال والاغتصاب والتحرش الجنسي في مكان العمل وفي أي مكان آخر والاتجار بالنساء وإجبارهن على البغاء».
وكل هذه المواد المنصوص عليها في الوثيقة مكنوزة في القرآن الكريم والسنة النبوية، وما يجب علينا هو كشف الستر عن ذلك الكنز.
جاء في حديث ابن عباس «سوّوا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء» (رواه البخاري في فتح الباري). لذا نفتخر بأننا نساء وأننا مسلمات ولقد كرمنا الله من فوق سبع سماوات ومنحنا من الحقوق ما لم يمنح غيرنا من النساء غير المسلمات، وحان الوقت للنساء أن يتمسكن بهويتهن النسوية بدلاً من ضياعها وضياع من بعدهن أجيال وأجيال!
منى فهد الوهيب
[email protected]