No Script

عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / كم نسبة نظافتك؟

تصغير
تكبير
عندما تسأل عن مدى نظافة إنسان ما، فإن أول ما يتبادر إلى ذهنك هو النظافة الظاهرة والحسية، كنظافة البدن والثوب والشكل والهيئة، وهي نظافة يحبها الله ورسوله كما جاء في الحديث «إن الله نظيف يحب النظافة» وهي تضيف لجمال المخبر جمال المنظر.

ولكنّ هناك أنواعاً أخرى من النظافة ينبغي أن يتحلى بها المرء، وهي لا تقل أهمية عن النظافة الحسية، ومنها على سبيل المثال نظافة القلب، فالناس تصف الإنسان الصادق والطيب والمخلص والأمين بأن قلبه نظيف، فلا يوجد في قلبه خبث أوسوء طوية، ولعل هذا ما قصده النبي عليه الصلاة والسلام في وصفه لأهل الجنة بأنه يدخلها كل مخموم القلب، وهو الذي لا يوجد في قلبه غل ولا غش ولا حسد.

وهناك الإنسان نظيف اللسان، وهو الذي لا يتكلم إلا بالخير، ويحفظ لسانه من كلمة السوء أو الفحشاء، وكم نسمع عن أقوام بلغوا من الكبر عتيا إلا أن ألسنتهم لا تزال تقطر بالكلام الفاحش، ولا يتورعون عن السباب والشتم، وإذا ابتليت بالتواجد في مجلس فيه أمثالهم فإنك ربما لاتسلم من بذيء كلامهم، وهؤلاء ينطبق عليهم قول الرسول عليه الصلاة والسلام «إن شر الناس منزلة عند الله من تركه الناس اتقاء فحشه».

إن المؤمن ليس بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء، وقد نقل عن أبي الدرداء رضي الله عنه قوله: لولا ثلاث لما أحببت البقاء في الدنيا، وذكر منها: ومجالسة أقوام ينتقون أطايب الكلام كما تنتقى أطايب الطعام، فهل يا ترى أحسنا اختيار عباراتنا قبل أن نتكلم بها؟

ومن النظافة المطلوبة نظافة اليد، ونعني بذلك نظافة اليد من أن تمتد إلى الحرام، والتي يحرص صاحبها على ألا يدخل في جوفه إلا ما كسبه من عرق جبينه، فلا نصب ولا احتيال، ولا غش ولا خداع، ولا تهريب للمخدرات أو المسكرات، أو غسيل للأموال.

ومن صور النظافة المطلوبة نظافة الأخلاق، والمتمثلة ببعد الإنسان عن الفحشاء والمنكر، وتمسكه بالصدق والحياء والتواضع وبقية مكارم الأخلاق.

وإذا لقب مسؤول بالنظافة، فإنما يقصد به الذي لا يستغل منصبه لتحقيق مصالح شخصية، ولا يجعل المنصب طريقاً للثراء غير المشروع فلا اختلاسات ولا تجاوزات.

ومن أولى الناس بنظافة اليد نواب الأمة، الذين أقسموا على الذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، وأداء أعمالهم بالأمانة والصدق، وهذا قسم عظيم يحمل النائب مسؤولية كبيرة ليكون بعيدا عن الشبهات، لا كما يفعل البعض حين يقتات على الاستجوابات، أو يستذبح للحصول على المناقصات ولو لم تنطبق الشروط على ما لديه من مؤسسات أو شركات.

والدعاة إلى الله والمصلحون هم أولى الناس بتفقد أحوال أنفسهم، والسعي في التزام النظافة بجميع صورها وأشكالها، لئلا يكونوا ممن يدعون الناس إلى شيء ثم يكونوا أول المخالفين له.

يقول الشافعي:

يا واعظ الناس عما أنت فاعله

يا من يعد عليه العمر بالنفس

احفظ لشيبك من عيب يدنسه

إن البياض قليل الحمل للدنس

كحامل لثياب الناس يغسلها

وثوبه غارق في الرجس والنجس





عبدالعزيز صباح الفضلي

كاتب كويتي

Alfadli-a@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي