تصاعدت وتيرة العمليات الانتحارية التي يقوم بها تنظيم القاعدة ولاسيما في العراق واليمن واستهدفت المدنيين، كما أضاف تنظيم القاعدة بعدا جديدا لعملياته الارهابية وهو استهداف النصارى ومقدساتهم بهدف تعجيل هجرتهم من ديارهم.
ولئن كان ذلك الاستهداف للمدنيين هو من الإجرام الذي يتصادم مع تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف الذي حرّم الظلم والعدوان مهما كانت دوافعه، كما ان تاريخ الاسلام الطويل لم يشهد إلا نادرا اعتداءات على اليهود والنصارى في ظل الدولة الاسلامية القوية وكذلك في ظل فترات الضعف والتمزق الذي اصاب المسلمين، بل كان المسلمون يحترمون عهودهم ومواثيقهم مع أهل الكتاب ويؤدون إليهم حقوقهم كاملة حتى ولو خالف بعض اهل الكتاب عهودهم مع المسلمين.
ولذا فقد شهدت القرون السابقة دخولا غير مسبوق من اهل الكتاب في دين الله لما لمسوه من العدل والاحسان مصداقا لقول الله تعالى: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم، ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون».
ويشهد التاريخ بأن اليهود عندما لاحقتهم محاكم التفتيش الاسبانية النصرانية المتعصبة واعملت فيهم القتل لم يجدوا غير الخلافة الاسلامية العثمانية لتحتضنهم وتؤويهم في البلاد المسلمة، كما ان بقاء الاعداد الكبيرة من النصارى في البلدان الاسلامية وتمتعهم باقامة شعائرهم وبناء كنائسهم دليل آخر على عدل المسلمين مع من خالفهم في الدين.
الا يدل كل ذلك على ان تنظيم القاعدة هو نبت شيطاني خبيث لا ارتباط له بالاسلام بل هي حركات اجرامية تتخذ من الدين الاسلامي ستارا لتعيث الفساد في الارض وتهلك الحرث والنسل كما قال تعالى «ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد».
إن اهم ما يجب ان يسعى له الدعاة الى الله تعالى هو أن يبصّروا الشباب المسلم المتحمس الذي تنطلي عليه اكاذيب تنظيم القاعدة وادعاءاته بانه هو حامي حمى الاسلام وبان اعماله الاجرامية هي نوع من الجهاد الذي لابد منه لاقامة الحكم الإسلامي، فالاسلام الذي ارسله الله تعالى لهداية البشرية واخراجهم من الظلمات الى النور لا يرضى لاتباعه باتباع الاساليب الخسيسة من الغدر والقتل والظلم من اجل تحقيق رسالته النبيلة «قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني، وسبحان الله وما أنا من المشركين».
د. وائل الحساوي
[email protected]