منى فهد الوهيب / رأي قلمي / رمز (نورة وهاشم) لن يعود

تصغير
تكبير
إنه قلمي الفكري الذي يصب الأفكار صباً، ويسكب المفردات والكلمات سكباً، هو ذاته القلم لم يتبدل، إلا انه في لحظة الكتابة أصابه الوهن والضعف واحتار وتردد بل ارتجف وتوقف. سألته لماذا يا قلمي؟ فأجاب وقال: فقد الرموز أليم ويجعل حبري يجف وفكري يعجز، من أين أتأتى بالأفكار والكلمات وهي التي تبعثرت وتشتتت وقالت: مهلاً! من هو رمز (نورة وهاشم) الذي لن يعود؟ فقلت لها أنا صاحبة القلم الفكري: إنه أبي فهد العبدالرزاق الوهيب، ذاك الرمز الذي فقدته في يوم الخميس الماضي الموافق 2010/9/30. فقده أوجعني وأعياني وأسهر جفني وأذاق قلبي من كؤوس الأسى والمرارة أجناسا وأصنافا. فقالت الحروف: انتظروني ألمم شتاتي وتبددي حتى أفيق من صدمتي لأن فقدك أيها الرمز ألقاني ورماني في بحر الحزن والأسف واللوعة وأغرقنا في حيرة وتردد.

إنه رمز القوة والصلابة ورمز الحنان والطراوة. (نورة) الحفيدة الأولى في العائلة، منذ الصغر وهي ترى ذلك الرجل رمزا شامخا رمزا نادرا لأنه يجمع ما بين الرخاوة والمتانة في آنٍ واحد، إنه حكيم صائب سديد الرأي حصيف الذهن، صنيعه قسيم وفضله مليح، لم تر عيني شبيهاًً له، إنه أنموذج فريد لبناته وأحفاده، إنه قدوة لمن لا يعرفه فكيف بمن مكث معه أربعين عاماً؟ وجاء (هاشم) الحفيد التاسع على غرار (نورة) الحفيدة الأولى ليرى ذاك الرمز الأوحد الفريد من نوعه الذي كان لواءً للرموز الأخرى، وكان علما من أعلام الرشد وراية للعزة والإباء، فلم يملك هذا الحفيد الصغير إلا أن يستسلم أمام شموخ هذا الرمز الحصين ويراه من فوق برج رواب، ينظر إلى رمزية ذاك الرمز الشامخ المتواضع كما تراه (نورة).

ولكنّ! هذا الرمز تركني وحدي، أحيا بلا روح ولا خفقان، لم ولن يعود، وأنا التي لم أتصور أن يأتي يوم محزن حزنه شديد ووثيق على فراق هذا الطراز من الرموز. انني ما زلت أذكر يوم أن فارقنا هذا الرمز ونقش في قلوبنا أشكالا من الأحزان وسالت دموعنا بلا استئذان، وتمزع وجداني حزناً وأسى عصيب وأنا أرى أبي وهو يودعني بلا استئذان، كنت معه في الصباح نتبادل الأخبار والأحاديث باطمئنان وسكينة تامة، وفي برهة الفراق قلت: أبتاه فقدك وفراقك موجع أعياني منذ الهنيهة الأولى فكيف بمضي وعبور الأعوام سوف تزداد آلامي وأوجاعي بكمٍ ضخم وهائل من الخوار والهزال، ولكنه أبى وأصر إلا أن يرحل ويودعني وداع الرمز الذي عاش عزيزاً ومات عزيزاً، وذهب رمز (نورة وهاشم) ولن يعود.

«إن العين لتدمع والقلب ليحزن على فراقك أيها الرمز العلم للشخوص ولكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيرا منها».



منى فهد الوهيب

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي