عبدالعزيز صباح الفضلي / هوان الرئيس ... والطبطبائي الأسد

تصغير
تكبير
من الحكم التي اتخذتها نبراساً في حياتي مقولة للشيخ مصطفى السباعي في كتابه «هكذا علمتني الحياة» حيث يقول: لا تستعجل الرئاسة، فإنك إن كنت أهلاً لها قدَّمك زمانك، وإن كنت غير أهل لها كان من الخير لك ألا ينكشف أمام الناس هوانك.

ومن خلال إلقاء نظرة على واقعنا المحلي والعربي ترى أقواماً ممن تولوا المسؤولية لكنهم أبعد الناس عن حسن إدارتها أو تحمل تبعاتها، فكم من وزير وصل إلى هذا المنصب عن طريق مؤهلاته وخبراته وقدراته الإدارية والمهنية؟ إنك ربما لن تجد بعدد أصابع اليد الواحدة من ينطبق عليه ذلك، لأن الكثير منهم تولى المنصب من خلال المحاصصة العائلية، أو القبلية، أو الطائفية، أو كسب الولاءات، وكم من عضو في المجلس نال شرف تمثيل الأمة، ليس من خلال الكفاءة وإنما بحب الخشوم، أو الفرعيات، أو المال السياسي، أو...، والأمر ينطبق على من هم دون هؤلاء في المسؤولية من وكلاء، ومديرين، وغيرهم. وهؤلاء المساكين بعد فترة وجيزة من الزمن ينكشف أمرهم، ويسقطون من عين كل من عرفهم، فالمحب لهم يشفق عليهم، والخبيث يحاول استغلال ضعفهم بتحقيق مكاسب شخصية له، فيقوم بالإفساد في تلك المؤسسة، وبسبب ضعف المسؤول وجهله، فإنه لا يستطيع اتخاذ قرارات حاسمة في فصل ذلك الخبيث، لخوفه من أن يقوم ذلك الانتهازي بفضحه وكشف حقيقته.

وإذا أردتم مثالاً مأسوياً آخر، فتأملوا حال بعض من يديرون الجمعيات التعاونية، ممن لا يحملون مؤهلات علمية، وليست لديهم خبرات سابقة في إدارة المؤسسات التجارية، فكم تلاعب بهؤلاء بعض الموظفين ممن احترفوا النصب والاحتيال، وأذكر أن موظفاً قام باختلاس مبالغ من إحدى جمعيات الدائرة الرابعة، ولكن بعد التوسط له تم اسقاط التهمة عنه على أن يطرد من الجمعية، فطلب إعطاءه شهادة حسن سير وسلوك، فوافق مجلس الإدارة، وما إن تسلم الموظف المطرود تلك الورقة حتى تقدم بشكوى ضد الجمعية يطالبهم إما بإرجاعه إلى العمل، وإما دفع الرواتب المتبقية كما في العقد المبرم بينه وبين الجمعية!

وبانتقالنا إلى الواقع العربي فحدث ولا حرج، فكم تولى المسؤولية من لا يملكون مؤهلاتها، فقادوا بلادهم إلى مزيد من التأخر والفوضى، من خلال ضعف القرارات المبنية على الأهواء الشخصية، أوالسعي لبسط النفوذ بالحديد والنار، أو باختيار بطانة فاسدة تؤدي استشارتها إلى انحدار البلد إلى الهاوية.

من أجل ذلك نتمنى من كل زعيم ورئيس أن يحفظ كرامة ذريته ولا يجعلهم أضحوكة بين الناس، خاصة إذا اكتشف أنه ليس أهلاً للرئاسة، وليقتدي بسيرة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، حينما أتاه أبو ذر الغفاري يطلبه تولي الإمارة، فأشفق عليه وأخبره أنه ضعيف، وإنها أمانة، وستكون على صاحبها يوم القيامة خزيا وندامة إن لم يؤد حق الله تعالى فيها.



الطبطبائي الأسد

النائب الفاضل الدكتور وليد الطبطبائي ربما يكون من أكثر النواب الذين تعرضوا للإساءة الشخصية بسبب مواقفه البطولية والشجاعة ومنها مشاركته في أسطول الحرية، وبهذه المناسبة أود أن أهدي له هذا الموقف: قال الثعلب للأسد بعد أن أوقعه في حفرة ظنَّ أنه قد تغلب عليه فيها: سأفضحك بين الحيوانات وأبين ضعفك، فضحك الأسد وقال: مهما فعلت فسأظل أسداً وستظل أنت ثعلباً!



عبدالعزيز صباح الفضلي

Alfadli-a@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي