«شارع دسمان أول طريق معبّد في الكويت»
خليل إبراهيم حبش: دخلت الأمن العام عسكرياً سنة 1955 ثم عملت كاتباً في صندوق ديوان الموظفين سنة 1962
... وفي عمله مترجما
مع الزميل الديحاني
شهادته الدراسية
متوسطا حفيديه
واقفا بجانب سيارته
حبش مبتسما لعدسة «الراي» (تصوير أحمد عماد)
إعداد: سعود الديحاني
الحياة دروب وكل ميسر لما خلق له ... يبحر معنا ضيف حديث الذكريات خليل إبراهيم حبش في رحلة حياته المليئة بالمحطات والتجارب فهي كحديقة مزهرة نستنشق منها عبق الماضي فيبدأ معنا من فريج بلوش حيث ولادته ثم دراسته ثم عمله وكل منهم له قصة وحكاية ثم سياحته في الأرض حيث عمل في الدعوة إلى الله وتنقل في دول عديدة أجاد خلالها كثيرا من اللغات حتى حطت رحاله في المسجد الكبير مترجم للوفود التي تزور ذلك المسجد. أحاديث متنوعة وممتعة نقضيها معه فلنترك له ذلك. كانت ولادتي في فريج بلوش في منطقة الشرق وهو بعيد عن فريج ميدان وبعيد عنه بالأول وأقرب مسجد لنا ابن رومي وبالقرب من شارع دسمان الذي هو أول شارع معبد يبنى في الكويت ووالدي بعدما كسد سوق الغوص عمل في تشييد هذا الشارع وقد ركب والدي الغوص مع ابن رومي راشد أحمد علي البتيل وهو أمير الغوص... أما دراستي فكانت على كبر لأنني عملت في البناء وهم تبع المعارف وكان عملنا في مدرسة الصباح وهي بالأول مقبرة حتى انني اذكر جماجم كانت يستخرجونها من الأرض حين بنائها... وعمال البناء كانوا يستخدمون خشب الكندل للاسقف ونحن كنا نأخذ ما تساقط في ذلك الكندل من أجل استخدامه وقوداً للنار التي نطهو بها طعامنا... أما اليومية التي كنت آخذها كانت من عمال البناء أنفسهم لأنني أساعدهم لذا كنت آخذ اربع انات وثلاث أنات وكنت طول النهار معاهم حتى أكملت المدرسة وكان ذلك في فترة الاربعينات.
الدراسة
حين انتهت الأعمال من مدرسة الصباح كان هناك شخص عماني اسمه بوعيسى حارس قال لي يا ولدي لماذا لا تدخل المدرسة فقلت له أنا صغير في السن وأكد على اسرتي وبعد ذلك ذهبت وسجلت بنفسي عند مدرس اسمه عبيد وكان من مدرسيّ فاضل خلف وصالح شهاب وهو مدرس الرياضة والرسام أيوب حسين ايضاً مدرس لي في الصباح وبعد بناء مدرسة النجاح في المطبة انتقلنا لها واذكر ان المدرسين أخذونا نحن الطلبة مشياً على الاقدام من مدرسة الصباح حتى مدرسة النجاح وناظر مدرسة النجاح كان عبداللطيف العمر وقد ظللت ست سنوات في هذه المدرسة... وأنا كنت أحب الشعر العربي واحفظ غير المقرر وكان هناك مساجلات لنا في ساحة المدرسة فنحن الطلبة الذين كنا نحب الشعر العربي واذكر من الطلبة الذين كنت «أتبارى» معهم في الشعر عن طريق القوافي الشعرية العندليب عبدالعزيز وعبدالمحسن تقي وهما أديبان وكذلك خالد سلطان العيسى وبدر الجيران وعبدالعزيز الغانم... كنت أنا والعندليب ومحسن نجعل بيننا مباراة في الشعر في القوافي.
المسرحية
حتى جانب التمثيل أيام الدراسة كنت أشارك فيه فأنا مثلت دور قيس بن ذريح في مسرحية مجنون ليلى لأحمد شوقي وكان الشيخ عبدالله الجابر يحضر لدينا في المدرسة ويتابع الأنشطة في الدراسة وكنت أخرج وألقي القصائد أمامه وقد اهداني ساعة أمام الطلبة واذكر ماركة الساعة «ربكو ذهبية» وكان المشهور عني لا أتكلم إلا باللغة العربية الفصحى فأنا متعلق في اللغة الفصحى... أما فترة العصر فكنت ألعب في الفريج هول وألعاب أخرى ونحن كنا نلعب حفاي الاقدام لا نعرف لبس النعل والدشداشة التي علينا مرقطة... ومكان لعبنا في براحة البلوش بالقرب من بيت سالم المزيعل وسنة 1953 هدم بيتنا ثم درست في الصديق وأخذت الشهادة ذات علمين واضطررت ان اطلع من المدرسة لأن والدي توفاه الله وأنا معيل اسرتي.
الأشغال
الأشغال كانت قريبة من بيتنا وهي دائرة الاشغال لكن لأنني صغير لم أقبل فيها لذلك ذهبت الى الجيش وكان المسؤول عن التسجيل سعيد سليم في الامن العام وكانت البندقية اطول مني واذكر من مدربيّ واحد مطيري.
كسر البندقية
كان من مدربيّ واحد مطيري «اسمه بوعواد» لكن رقي إلى رتبة عريف لأن لما مر عليه الشيخ عبدالله المبارك حياه من قوة التحية كسرت البندقية فأعطاه ثلاث خيوط ترقية له، والشيخ عبدالله المبارك له هيبة فهو كان حامي السلطة وكان يشجع العسكر ويحضر عندهم ويزورهم وهو الذي نظم الجيش والأمن العام وقد استمررت في الأمن العام من سنة 1955 الى 1959 وراتبي كان في الروبية أظن 300 روبية اما اول سنة كنت في التدريب ثم انتقلت الادارة الى الشويخ وهو مخفر الشويخ بالقرب من السيف والمهم لذلك المخفر هو تفتيش السيارات التي تنقل الركاب او السيارات التي تنقل البضائع وبعد ذلك انتقلت الى المطلاع ثم الصبية ثم القشعانية ثم قلمة شايع بعد ذلك انتقلت الى السجن المركزي سنة 1958 حتى عام 1959 وبعد ذلك انتقلت الى المباحث الجنائية ولم يكن في ذلك الوقت فرق بين المباحث السياسية والجنائية وأنا كانت عندي قدرات أجيد نطق كثير من اللهجات فكنت اذهب في كثير من المهمات وقد استطعت حل كثير من المشاكل والقبض على كثير من المجرمين واستمررت في عملي حتى عام 1962.
الديوان
بعد عام 1962 قدمت استقالتي وعملت مدنيا في ديوان الموظفين وقد رفضت استقالتي لأنهم يريدون ان اعمل لديهم وكان عبداللطيف الثويني يرفض استقالتي لذلك التحقت في معهد المعلمين حتى يتسنى لي الحصول على الاستقالة، عملت في ديوان الموظفين كاتبا في الصندوق وكان امين الصندوق حامد الايوب وقد شجعني على الدراسة وعملنا كان خفيفا إلا آخر الشهر حين تسليم الرواتب يكون هناك ضغط في العمل فأنا خلال ايام الشهر التي يكون عملنا خفيفا كنت آتي بالكتب الدراسية وأدرس في مكان عملي ووقت العصر اذهب الى المدرسة وكانت في المعهد الديني السابق ودراستي مسائية بعد ذلك درست الثانوية في كيفان وكنت متفوقا وقد دخلت أدبي لأنني اجيد اللغة الفرنسية حتى ان الطلبة يأتون عندي في البيت أذاكر لهم وأدرسهم مادة اللغة الفرنسية.
المواصلة
أنا أحببت ان اذهب الى بلد اسلامي اسمع به الاذان ولذلك لم اذهب الى الدول الشيوعية والتي كانت تعطي منحة دراسة قمت بالذهاب الى كثير من السفارات ومنها السفارة الباكستانية وكان عندهم منح دراسية فكنت انا اول طالب كويتي يحصل على منحة دراسة من السفارة الباكستانية وكان هناك كلية اميركية في باكستان، والمدرسون اميركان واسمها «كوردن كالج» وهي متأسسة سنة 1915 وهي تابعة للارسالية لكنهم لم يقبلوا اوراقي على الفور الا بعد ان اجروا اختبارا مدته ثلاثة اشهر ولحسن الحظ كان معي طلاب من كينيا وهم من اصل هندي وقد ساعدوني حيث شرحوا لي المنهج وكنت اذاكر معهم فهم يجيدون اللغة الانكليزية الصحيحة.
دخلت الجامعة وأتممت الدراسة فيها وحصلت على شهادة جامعية في الادب الانكليزي والعلوم السياسية والاقتصاد والادب العربي كمادة مساندة وكان ذلك سنة 1967 بعد ذلك رجعت الكويت ورقيت في ديوان الموظفين من الدرجة السابعة الى الدرجة الرابعة.
الأمم
صادف إتمامي للدراسة الجامعية ارسال الامم المتحدة طلبا للكويت تريد منهم ان يبعثوا لهم كويتيين يعملون في سكرتارية الامم والديوان وضع اسمي ضمن من رشح لذلك العمل وكانت الشروط منطبقة عليّ فأنا اجيد اللغة الانكليزية والفرنسية فذهبت للعمل هناك وكان مكتبي في الدور (36) وبعد ذلك أخذت اسرتي معي الى مكان عملي في اميركا لكن الوضع لم يناسب اسرتي لذلك رجعت اسرتي.
الزيارة
اذكر يوم كنت اعمل في سكرتارية الامم المتحدة جاء امير الكويت في ذلك الوقت الشيخ صباح السالم رحمه الله ومعه وفد من الكويت وكان أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد وزيرا للخارجية معه وجاؤوا الى نيويورك ثم ذهبوا الى واشنطن عبر القطار وكنت من المودعين لهم.
استمر عملي اربع سنوات ثم رجعت الى الكويت وعملت في البنك المركزي وكان مديره حمزة عباس بعد ذلك انتقلت للعمل في شركة النفط (CUS).
النقابة
كان ممنوع على الموظفين الجامعيين الانضمام الى النقابة في شركة نفط الكويت والموظفات الكويتيات ممنوع عليهن الزواج والتي تتزوج تفصل وأنا كنت اعمل في عملية تقويم الوظائف ثم نقلت الى الاستشارات وحل المشاكل بعد ذلك رشحت نفسي للنقابة ونجحت وصرت سكرتير النقابة وكنت ادافع عن حقوق الموظفين وأذكر ان هناك موظفة فصلت لأنها تزوجت فقمت وكتبت مقالة ونشرتها في جريدة الطليعة وجرائد اخرى حتى الموظفين الانكليز وزعت عليهم نسخة من المقال وصار لها صدى وكان وزير الشؤون في ذلك الوقت الشيخ سالم الصباح رحمه الله بعد ذلك جاءت العلاقات الصناعية وقالوا نريد ان نرجع الموظفة وفعلا رجعت الموظفة ومن ذلك اليوم أُسس فرع في النقابة للنساء ولم يكن لهن فرع.
الماجستير
أنا حينما كنت اعمل في الشركة احضر دراسة الماجستير في نفس الجامعة التي كنت ادرس فيها في باكستان وقد حصلت على هذه الشهادة سنة 1976 ثم قدمت على عملي في شركة النفط من اجل الحصول على بعثة دراسية لإكمال دراسة الدكتوراه لكن لأجل عملي في النقابة لم يتم اعطائي هذه البعثة حاولت ولم احصل على البعثة فقدمت استقالتي وذهبت الى الدراسة على حسابي لكن لم استطع على تكاليف الدراسة فتركت الدراسة ورجعت وكانت في اميركا.
الأحمدي
الله اختار لي جامعة افضل من التي رجعت منها في اميركا مررت على احد المساجد في منطقة الاحمدي وبعد إتمامي للصلاة فإذا برجل يقوم ويقول «اخواني ان صلاحنا وفلاحنا في اتباع اوامر الله على سنة رسول الله»، ثم قال ارجو منكم يا اخوان ان تأتوا الى مسجد عمر بن عبد العزيز بعد صلاة المغرب قلت انا في نفسي ماذا سوف يخبرني او يعلمني فأنا دارس كتب فلسفة وكتبا اخرى لكن كما يقال خلني اتبعه وأرى ما عنده فعلا حضرت وقام رجل من هؤلاء الجماعة وكان بدويا فألقى خطبته التي تنقط في القلب مثل الماء البارد على قلب العطشان كلام ليس موجودا في الكتب ولا خطب المساجد ولا الإذاعات تحبب الانسان في الايمان ثم قال هذا الرجل الذي يريد الاستزياد يخرج معنا بس ثلاثة ايام فقلت انا هذا ظاهرهم فلأرى باطنهم وخرجت معهم وكان في منطقة العمرية وأنا كنت أظن في نفسي انني فطحل دارس ماجستير وأنا رجل أيسر استخدم حواسي اليسرى اكثر حتى يوم كنت ألعب كرة كنت «ونغ أيسر» لذا عندما وضعوا الشاي امسكت غلاسي بيدي اليسرى فقام رجل منهم وأخذني على جنب وبذلك الكلام الطيب نصحني وفهمني ان آكل بيميني فذكر لي حديث النبي صلى الله عليه وسلم كل بيمينك ومما يليك... وذلك اليوم انا بكيت بكاء شديدا مر كيف لم اعلم هذه الامور ونحن كنا في ذلك الجيل نعتبر أن كتب الدين كتبا صفراء لأننا كنا متأثرين بالكتب الشيوعية.
الرحلة
أنا ذهبت الى بنغلاديش فرأيت الناس من جميع انحاء العالم من كل مكان اكثر من الحج ورأيت المسلمين وأخذت اذهب مع جماعة التبليغ في دعوة الى الله سمع عني يوسف الفليج وأحمد بزيع الياسين وقالا لنا نريد شخصا يراقب المشاريع لأن التنقل في بنغلاديش ظروف التضاريس صعبة، فيها فعملت في مراقبة المشاريع براتب شهري 150 دينارا وعملت في بنغلاديش مقيم فيها من 1978 وبعد ذلك ذهبت الى باكستان حين دخول الروس في أفغانستان حيث كنت انقل الجرحى للمستشفى الكويتي في بيشاور في باكستان ثم حضرت المؤتمر لجماعة التبليغ سنة 1979 ثم عدت إلى بنغلاديش ورجعت مرة أخرى لباكستان وأخذت اتنقل بين الدولتين فعملت في جميع اللجان الخيرية حتى عملت في وزارة الأوقاف أشرف على جميع المشاريع وأساعدهم وحين الأزمة والاحتلال كنت ملتحقا في السفارة الكويتية في باكستان وأعمل محاضرات ضد الاحتلال وبيان ظلمه.
كازاخستان
سنة 1993 ذهبت مترجماً إلى كازاخستان مع جماعة التبليغ وقد قالوا ان لغتهم فارسية لكن يوم جئناهم وجدناهم يتكلمون الروسية وأنا لا أجيد الروسية لكن هناك من يتكلم اللغة التركية وأنا أعرف منها فآخذ أحاورهم بالتركية ولكنني قلت في نفسي لماذا لا أعرف اللغة الروسية وهي لغة عالمية فعزمت على تعلم هذه اللغة «الروسية» وخلال جلوسي في كازاخستان تعلمت الروسية بطلاقة فأنا اليوم أتكلم الانكليزي والروسي والبنغالي والفارسي والأوردو والعربي وكذلك شيئاً من اللغة التركية بعد ذلك عدت للكويت وأنا أعمل في الدعوة الى الله مع جماعة التبليغ وقد أردت ان أتحدث في أحد المساجد منعوني فسألت عن المسؤول وذهبت إليه وقلت له لماذا تمنعوننا نحن لا نتكلم في السياسة ولا أمور الدنيا نحن ندعو الى الله سبحانه وتعالى فقال لي اذهب الى المسجد الكبير ومن هناك عملت في القسم الغربي لتعريف الاسلام للوفود التي تأتي الى المسجد الكبير فأنا عندما التقي مع الأجانب الذين يأتون للمسجد الكبير أركز على الجانب الروحي والإيماني.
الحياة دروب وكل ميسر لما خلق له ... يبحر معنا ضيف حديث الذكريات خليل إبراهيم حبش في رحلة حياته المليئة بالمحطات والتجارب فهي كحديقة مزهرة نستنشق منها عبق الماضي فيبدأ معنا من فريج بلوش حيث ولادته ثم دراسته ثم عمله وكل منهم له قصة وحكاية ثم سياحته في الأرض حيث عمل في الدعوة إلى الله وتنقل في دول عديدة أجاد خلالها كثيرا من اللغات حتى حطت رحاله في المسجد الكبير مترجم للوفود التي تزور ذلك المسجد. أحاديث متنوعة وممتعة نقضيها معه فلنترك له ذلك. كانت ولادتي في فريج بلوش في منطقة الشرق وهو بعيد عن فريج ميدان وبعيد عنه بالأول وأقرب مسجد لنا ابن رومي وبالقرب من شارع دسمان الذي هو أول شارع معبد يبنى في الكويت ووالدي بعدما كسد سوق الغوص عمل في تشييد هذا الشارع وقد ركب والدي الغوص مع ابن رومي راشد أحمد علي البتيل وهو أمير الغوص... أما دراستي فكانت على كبر لأنني عملت في البناء وهم تبع المعارف وكان عملنا في مدرسة الصباح وهي بالأول مقبرة حتى انني اذكر جماجم كانت يستخرجونها من الأرض حين بنائها... وعمال البناء كانوا يستخدمون خشب الكندل للاسقف ونحن كنا نأخذ ما تساقط في ذلك الكندل من أجل استخدامه وقوداً للنار التي نطهو بها طعامنا... أما اليومية التي كنت آخذها كانت من عمال البناء أنفسهم لأنني أساعدهم لذا كنت آخذ اربع انات وثلاث أنات وكنت طول النهار معاهم حتى أكملت المدرسة وكان ذلك في فترة الاربعينات.
الدراسة
حين انتهت الأعمال من مدرسة الصباح كان هناك شخص عماني اسمه بوعيسى حارس قال لي يا ولدي لماذا لا تدخل المدرسة فقلت له أنا صغير في السن وأكد على اسرتي وبعد ذلك ذهبت وسجلت بنفسي عند مدرس اسمه عبيد وكان من مدرسيّ فاضل خلف وصالح شهاب وهو مدرس الرياضة والرسام أيوب حسين ايضاً مدرس لي في الصباح وبعد بناء مدرسة النجاح في المطبة انتقلنا لها واذكر ان المدرسين أخذونا نحن الطلبة مشياً على الاقدام من مدرسة الصباح حتى مدرسة النجاح وناظر مدرسة النجاح كان عبداللطيف العمر وقد ظللت ست سنوات في هذه المدرسة... وأنا كنت أحب الشعر العربي واحفظ غير المقرر وكان هناك مساجلات لنا في ساحة المدرسة فنحن الطلبة الذين كنا نحب الشعر العربي واذكر من الطلبة الذين كنت «أتبارى» معهم في الشعر عن طريق القوافي الشعرية العندليب عبدالعزيز وعبدالمحسن تقي وهما أديبان وكذلك خالد سلطان العيسى وبدر الجيران وعبدالعزيز الغانم... كنت أنا والعندليب ومحسن نجعل بيننا مباراة في الشعر في القوافي.
المسرحية
حتى جانب التمثيل أيام الدراسة كنت أشارك فيه فأنا مثلت دور قيس بن ذريح في مسرحية مجنون ليلى لأحمد شوقي وكان الشيخ عبدالله الجابر يحضر لدينا في المدرسة ويتابع الأنشطة في الدراسة وكنت أخرج وألقي القصائد أمامه وقد اهداني ساعة أمام الطلبة واذكر ماركة الساعة «ربكو ذهبية» وكان المشهور عني لا أتكلم إلا باللغة العربية الفصحى فأنا متعلق في اللغة الفصحى... أما فترة العصر فكنت ألعب في الفريج هول وألعاب أخرى ونحن كنا نلعب حفاي الاقدام لا نعرف لبس النعل والدشداشة التي علينا مرقطة... ومكان لعبنا في براحة البلوش بالقرب من بيت سالم المزيعل وسنة 1953 هدم بيتنا ثم درست في الصديق وأخذت الشهادة ذات علمين واضطررت ان اطلع من المدرسة لأن والدي توفاه الله وأنا معيل اسرتي.
الأشغال
الأشغال كانت قريبة من بيتنا وهي دائرة الاشغال لكن لأنني صغير لم أقبل فيها لذلك ذهبت الى الجيش وكان المسؤول عن التسجيل سعيد سليم في الامن العام وكانت البندقية اطول مني واذكر من مدربيّ واحد مطيري.
كسر البندقية
كان من مدربيّ واحد مطيري «اسمه بوعواد» لكن رقي إلى رتبة عريف لأن لما مر عليه الشيخ عبدالله المبارك حياه من قوة التحية كسرت البندقية فأعطاه ثلاث خيوط ترقية له، والشيخ عبدالله المبارك له هيبة فهو كان حامي السلطة وكان يشجع العسكر ويحضر عندهم ويزورهم وهو الذي نظم الجيش والأمن العام وقد استمررت في الأمن العام من سنة 1955 الى 1959 وراتبي كان في الروبية أظن 300 روبية اما اول سنة كنت في التدريب ثم انتقلت الادارة الى الشويخ وهو مخفر الشويخ بالقرب من السيف والمهم لذلك المخفر هو تفتيش السيارات التي تنقل الركاب او السيارات التي تنقل البضائع وبعد ذلك انتقلت الى المطلاع ثم الصبية ثم القشعانية ثم قلمة شايع بعد ذلك انتقلت الى السجن المركزي سنة 1958 حتى عام 1959 وبعد ذلك انتقلت الى المباحث الجنائية ولم يكن في ذلك الوقت فرق بين المباحث السياسية والجنائية وأنا كانت عندي قدرات أجيد نطق كثير من اللهجات فكنت اذهب في كثير من المهمات وقد استطعت حل كثير من المشاكل والقبض على كثير من المجرمين واستمررت في عملي حتى عام 1962.
الديوان
بعد عام 1962 قدمت استقالتي وعملت مدنيا في ديوان الموظفين وقد رفضت استقالتي لأنهم يريدون ان اعمل لديهم وكان عبداللطيف الثويني يرفض استقالتي لذلك التحقت في معهد المعلمين حتى يتسنى لي الحصول على الاستقالة، عملت في ديوان الموظفين كاتبا في الصندوق وكان امين الصندوق حامد الايوب وقد شجعني على الدراسة وعملنا كان خفيفا إلا آخر الشهر حين تسليم الرواتب يكون هناك ضغط في العمل فأنا خلال ايام الشهر التي يكون عملنا خفيفا كنت آتي بالكتب الدراسية وأدرس في مكان عملي ووقت العصر اذهب الى المدرسة وكانت في المعهد الديني السابق ودراستي مسائية بعد ذلك درست الثانوية في كيفان وكنت متفوقا وقد دخلت أدبي لأنني اجيد اللغة الفرنسية حتى ان الطلبة يأتون عندي في البيت أذاكر لهم وأدرسهم مادة اللغة الفرنسية.
المواصلة
أنا أحببت ان اذهب الى بلد اسلامي اسمع به الاذان ولذلك لم اذهب الى الدول الشيوعية والتي كانت تعطي منحة دراسة قمت بالذهاب الى كثير من السفارات ومنها السفارة الباكستانية وكان عندهم منح دراسية فكنت انا اول طالب كويتي يحصل على منحة دراسة من السفارة الباكستانية وكان هناك كلية اميركية في باكستان، والمدرسون اميركان واسمها «كوردن كالج» وهي متأسسة سنة 1915 وهي تابعة للارسالية لكنهم لم يقبلوا اوراقي على الفور الا بعد ان اجروا اختبارا مدته ثلاثة اشهر ولحسن الحظ كان معي طلاب من كينيا وهم من اصل هندي وقد ساعدوني حيث شرحوا لي المنهج وكنت اذاكر معهم فهم يجيدون اللغة الانكليزية الصحيحة.
دخلت الجامعة وأتممت الدراسة فيها وحصلت على شهادة جامعية في الادب الانكليزي والعلوم السياسية والاقتصاد والادب العربي كمادة مساندة وكان ذلك سنة 1967 بعد ذلك رجعت الكويت ورقيت في ديوان الموظفين من الدرجة السابعة الى الدرجة الرابعة.
الأمم
صادف إتمامي للدراسة الجامعية ارسال الامم المتحدة طلبا للكويت تريد منهم ان يبعثوا لهم كويتيين يعملون في سكرتارية الامم والديوان وضع اسمي ضمن من رشح لذلك العمل وكانت الشروط منطبقة عليّ فأنا اجيد اللغة الانكليزية والفرنسية فذهبت للعمل هناك وكان مكتبي في الدور (36) وبعد ذلك أخذت اسرتي معي الى مكان عملي في اميركا لكن الوضع لم يناسب اسرتي لذلك رجعت اسرتي.
الزيارة
اذكر يوم كنت اعمل في سكرتارية الامم المتحدة جاء امير الكويت في ذلك الوقت الشيخ صباح السالم رحمه الله ومعه وفد من الكويت وكان أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد وزيرا للخارجية معه وجاؤوا الى نيويورك ثم ذهبوا الى واشنطن عبر القطار وكنت من المودعين لهم.
استمر عملي اربع سنوات ثم رجعت الى الكويت وعملت في البنك المركزي وكان مديره حمزة عباس بعد ذلك انتقلت للعمل في شركة النفط (CUS).
النقابة
كان ممنوع على الموظفين الجامعيين الانضمام الى النقابة في شركة نفط الكويت والموظفات الكويتيات ممنوع عليهن الزواج والتي تتزوج تفصل وأنا كنت اعمل في عملية تقويم الوظائف ثم نقلت الى الاستشارات وحل المشاكل بعد ذلك رشحت نفسي للنقابة ونجحت وصرت سكرتير النقابة وكنت ادافع عن حقوق الموظفين وأذكر ان هناك موظفة فصلت لأنها تزوجت فقمت وكتبت مقالة ونشرتها في جريدة الطليعة وجرائد اخرى حتى الموظفين الانكليز وزعت عليهم نسخة من المقال وصار لها صدى وكان وزير الشؤون في ذلك الوقت الشيخ سالم الصباح رحمه الله بعد ذلك جاءت العلاقات الصناعية وقالوا نريد ان نرجع الموظفة وفعلا رجعت الموظفة ومن ذلك اليوم أُسس فرع في النقابة للنساء ولم يكن لهن فرع.
الماجستير
أنا حينما كنت اعمل في الشركة احضر دراسة الماجستير في نفس الجامعة التي كنت ادرس فيها في باكستان وقد حصلت على هذه الشهادة سنة 1976 ثم قدمت على عملي في شركة النفط من اجل الحصول على بعثة دراسية لإكمال دراسة الدكتوراه لكن لأجل عملي في النقابة لم يتم اعطائي هذه البعثة حاولت ولم احصل على البعثة فقدمت استقالتي وذهبت الى الدراسة على حسابي لكن لم استطع على تكاليف الدراسة فتركت الدراسة ورجعت وكانت في اميركا.
الأحمدي
الله اختار لي جامعة افضل من التي رجعت منها في اميركا مررت على احد المساجد في منطقة الاحمدي وبعد إتمامي للصلاة فإذا برجل يقوم ويقول «اخواني ان صلاحنا وفلاحنا في اتباع اوامر الله على سنة رسول الله»، ثم قال ارجو منكم يا اخوان ان تأتوا الى مسجد عمر بن عبد العزيز بعد صلاة المغرب قلت انا في نفسي ماذا سوف يخبرني او يعلمني فأنا دارس كتب فلسفة وكتبا اخرى لكن كما يقال خلني اتبعه وأرى ما عنده فعلا حضرت وقام رجل من هؤلاء الجماعة وكان بدويا فألقى خطبته التي تنقط في القلب مثل الماء البارد على قلب العطشان كلام ليس موجودا في الكتب ولا خطب المساجد ولا الإذاعات تحبب الانسان في الايمان ثم قال هذا الرجل الذي يريد الاستزياد يخرج معنا بس ثلاثة ايام فقلت انا هذا ظاهرهم فلأرى باطنهم وخرجت معهم وكان في منطقة العمرية وأنا كنت أظن في نفسي انني فطحل دارس ماجستير وأنا رجل أيسر استخدم حواسي اليسرى اكثر حتى يوم كنت ألعب كرة كنت «ونغ أيسر» لذا عندما وضعوا الشاي امسكت غلاسي بيدي اليسرى فقام رجل منهم وأخذني على جنب وبذلك الكلام الطيب نصحني وفهمني ان آكل بيميني فذكر لي حديث النبي صلى الله عليه وسلم كل بيمينك ومما يليك... وذلك اليوم انا بكيت بكاء شديدا مر كيف لم اعلم هذه الامور ونحن كنا في ذلك الجيل نعتبر أن كتب الدين كتبا صفراء لأننا كنا متأثرين بالكتب الشيوعية.
الرحلة
أنا ذهبت الى بنغلاديش فرأيت الناس من جميع انحاء العالم من كل مكان اكثر من الحج ورأيت المسلمين وأخذت اذهب مع جماعة التبليغ في دعوة الى الله سمع عني يوسف الفليج وأحمد بزيع الياسين وقالا لنا نريد شخصا يراقب المشاريع لأن التنقل في بنغلاديش ظروف التضاريس صعبة، فيها فعملت في مراقبة المشاريع براتب شهري 150 دينارا وعملت في بنغلاديش مقيم فيها من 1978 وبعد ذلك ذهبت الى باكستان حين دخول الروس في أفغانستان حيث كنت انقل الجرحى للمستشفى الكويتي في بيشاور في باكستان ثم حضرت المؤتمر لجماعة التبليغ سنة 1979 ثم عدت إلى بنغلاديش ورجعت مرة أخرى لباكستان وأخذت اتنقل بين الدولتين فعملت في جميع اللجان الخيرية حتى عملت في وزارة الأوقاف أشرف على جميع المشاريع وأساعدهم وحين الأزمة والاحتلال كنت ملتحقا في السفارة الكويتية في باكستان وأعمل محاضرات ضد الاحتلال وبيان ظلمه.
كازاخستان
سنة 1993 ذهبت مترجماً إلى كازاخستان مع جماعة التبليغ وقد قالوا ان لغتهم فارسية لكن يوم جئناهم وجدناهم يتكلمون الروسية وأنا لا أجيد الروسية لكن هناك من يتكلم اللغة التركية وأنا أعرف منها فآخذ أحاورهم بالتركية ولكنني قلت في نفسي لماذا لا أعرف اللغة الروسية وهي لغة عالمية فعزمت على تعلم هذه اللغة «الروسية» وخلال جلوسي في كازاخستان تعلمت الروسية بطلاقة فأنا اليوم أتكلم الانكليزي والروسي والبنغالي والفارسي والأوردو والعربي وكذلك شيئاً من اللغة التركية بعد ذلك عدت للكويت وأنا أعمل في الدعوة الى الله مع جماعة التبليغ وقد أردت ان أتحدث في أحد المساجد منعوني فسألت عن المسؤول وذهبت إليه وقلت له لماذا تمنعوننا نحن لا نتكلم في السياسة ولا أمور الدنيا نحن ندعو الى الله سبحانه وتعالى فقال لي اذهب الى المسجد الكبير ومن هناك عملت في القسم الغربي لتعريف الاسلام للوفود التي تأتي الى المسجد الكبير فأنا عندما التقي مع الأجانب الذين يأتون للمسجد الكبير أركز على الجانب الروحي والإيماني.