عبدالعزيز صباح الفضلي / أردوغان... وقافلة أبو سفيان

تصغير
تكبير
لما سمع الرسول صلى الله عليه وسلم بأن قافلة لقريش مقبلة من الشام يقودها أبو سفيان أمر الصحابة بالخروج لها واغتنام أموالها عوضاً عن استيلاء قريش على أموال المهاجرين من المسلمين.

ورغم أن أبا سفيان استطاع تغيير الطريق والنجاة بالقافلة إلا أن قريشا أصرت على الخروج لقتال المسلمين بدافع من غرورها وغطرستها. فخير النبي عليه الصلاة والسلام الصحابة بين لقاء العدو أو الرجوع، فكره بعض الصحابة القتال، إلا أنهم أبدوا استعدادهم لخوض المعركة مع الرسول حتى لو خاض بهم البحر لخاضوه معه فأنزل الله تعالى «وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين، ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون». الأنفال. وفعلاً وقعت المعركة وانتصر المسلمون وغنموا أموال الكفار وعلت راية الإيمان وأذل الله أهل الطغيان.

لقد أبحر أسطول الحرية حاملاً أكثر من 600 متضامن من مختلف دول العالم ومعهم مساعدات إنسانية للتخفيف عن أهل غزة المحاصرين، ولم يكن في تفكيرهم أن حياتهم ربما تتعرض للخطر، ولكن حكمة الله تعالى قدرت أمراً لم يكن في حسبانهم حيث هاجم جيش دولة الصهاينة المجرمة اسطول الحرية، وقام بإنزال بعض جنوده على هذه السفن لتندفع مجموعة من المتضامنين الأبطال لمهاجمة قوة الإنزال الصهيونية بما معهم من عصي ليرتكب جنودها المتغطرسون كعادتهم مجزرة ضد المدنيين، وليسقط أكثر من خمسين متضامنا ما بين شهيد وقتيل وجريح.

قد يظن البعض أن أسطول الحرية لم يحقق أهدافه في إيصال المساعدات إلى أهل غزة بسبب العملية العسكرية الصهيونية لكن الواقع يشير إلى تحقق ما هو أهم وأبلغ، فلقد كشفت الأحداث للعالم حقيقة الوحشية الإسرائيلية وعدم مراعاتها لأبسط الأعراف الدولية، ودفعت الكثير من الدول والمنظمات إلى استنكار هذه القرصنة الهمجية، كما لفتت إلى الأوضاع المأساوية التي يعيشها أهل غزة، وساهمت إلى مزيد من التلاحم بين أبناء الأمة الإسلامية، فصار العلم التركي يرفع في شوارع فلسطين، كما أن العلم الكويتي رأيناه مرفوعاً على السفن التركية، لقد خرجت المسيرات العديدة في شوارع العالم مؤيدة للحق الفلسطيني ومطالبة بمحاكمة الغطرسة الصهيونية. ولقد أتت الرحلة ثمرات عظيمة من حيث لم يحتسب منظموها، فالكويت تنسحب من مبادرة السلام العربية، ومصر العروبة تفتح معبر رفح إلى أجل غير مسمى، وتركيا مع رئيس وزرائها أردوغان وألف سلام من الله على أردوغان، حيث عبر بقوله وفعله عما يجول في خاطر مئات الملايين من الشعوب العربية والمسلمة، فنراه يقوم بسحب السفير التركي لدى الكيان الصهيوني، ويلغي ثلاث مناورات عسكرية كانت مقررة مع إسرائيل، ويطلب انعقاد جلسة طارئة لمجلس الأمن، ويعلن صراحة بما عجز عنه الآخرون بأن ما قامت به إسرائيل إنما هو عمل دنيء وأنه صورة من صور الوحشية، وأن إسرائيل يجب أن تعاقب وأن تدفع ثمن تصرفاتها، وبأن تركيا كما أنها قوية في صداقتها فإنها قوية في عداوتها، وليطالب الدولة المارقة على القانون أن ترفع الحصار فوراً عن غزة، وليرد على زعم الصهاينة أن عملية قتل ركاب السفينة إنما جاء دفاعاً عن النفس ليرد عليهم بقوله وهو ينفض بدلته بيديه: «لقد مللنا كذبكم». ويقول بكل وضوح اننا لا يمكن أن نغمض عيوننا أو ندير ظهورنا عن ما يجري في غزة. بل ويعلن بأنه في حال خروج سفن جديدة من تركيا لفك الحصار عن غزة انه سيرسل معها سفنا حربية تركية لحمايتها.

إن من ايجابيات الأحداث أن كثيراً من المجريات قد تغيرت لصالح أهل غزة والقضية الفلسطينية، سواء على المستوى العربي والإسلامي والعالمي، وأن الصهاينة يوماً بعد آخر بدأ نفوذهم بالانحسار، فمن خذلانهم في حرب لبنان إلى انكسارهم في غزة، إلى فضيحتهم وانكشاف عملائهم في اغتيال المبحوح، ثم إلى مزيد من العداوات بعد قرصنتهم ضد اسطول الحرية، كل ذلك يؤذن إلى قرب زوال إسرائيل بإذن الله. إنني ومع الأحداث الأخيرة أود أن افتخر بانتمائي للكويت لهذا البلد الذي وقف أميراً وحكومة وشعباً مع حق اخواننا على أرض فلسطين، وأجد نفسي مرغماً أن أقف إجلالاً واحتراماً وتقديراً لإخواننا وأخواتنا الأبطال الذين شاركوا في أسطول الحرية، وعرضوا حياتهم للخطر من أجل نصرة قضية المسلمين الأولى وليظهروا للعالم بأسره المعدن الأصيل لأبناء وبنات الكويت.





عبدالعزيز صباح الفضلي

كاتب كويتي

Alfadli-a@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي