عبدالعزيز صباح الفضلي / الحكومة... ومخالب القطة

تصغير
تكبير
تعرضت الحكومة خلال الأعوام القريبة الماضية إلى هجوم كاسح وعنيف من نواب مجلس الأمة، كان بعضه لمصالح شخصية ضيقة، بينما كان بعضه الآخر بسبب سوء الإدارة والتجاوزات، فبدءا باستجواب وزير الصحة السابق الشيخ أحمد العبدالله، والذي اعتبر الاستجواب الأول من نوعه, حيث انها المرة الأولى التي يستجوب فيها وزير شيخ من ذرية مبارك، ثم توالت الاستجوابات واحدة تلوى الأخرى حتى طالت ووصلت إلى سمو رئيس الوزراء، ولم يقف الأمر عند هذه الاستجوابات وإنما امتد، كما شاهد المتابعون للموقف السياسي، إلى تمادي البعض في استخدام مساحة الحرية لتجاوز أدب الخلاف والنقد إلى التجريح الشخصي والتعدي على كرامة الناس، ومن ذلك تهديد أحد الأعضاء السابقين بأنه سيقوم بتكسير رأس من يقدم على هدم الديوانيات مهما كان منصبه، واستخدام العضو نفسه لكلمات فيها تصغير وإساءة للوزير الذي شارك في استجوابه، ثم تكرر المشهد مع نواب آخرين.

هذا الهجوم من النواب جعل الحكومة تفكر ملياً في الطريقة المناسبة التي تتمكن فيها من صد هذه الهجمات المتتالية والقاسية، والتي لم تتح لها فرصة كي تلتقط أنفاسها، فلم تجد من بد ساعتها من أن تكشر عن أنيابها، وتستخدم مخالبها لتدافع عن نفسها كالقطة إذا ما حشرت في زاوية ولم يترك مجالاً لنجاتها.

والحكومة كأي جهة لها حقها المشروع في أن تدافع عن نفسها، إلا أن الأمر الذي ما كان للحكومة أن تتبعه هو استخدام أسلوب الضرب تحت الحزام ضد من يخالفها أو يقف ضدها، كالتهديد المستمر بسحب الجنسية لبعض أقارب النواب ممن قد توجد اشكاليات في حصولهم على الجنسية، أو التغافل عن تطبيق القانون على من وقعوا ببعض المخالفات، من المحسوبين على بعض الأعضاء مقابل تخلي النائب عن معارضته، أو طرح موضوع مزدوجي الجنسية لترهيب بعض نواب القبائل، أو التهديد بغلق فروع اللجان الخيرية إذا كان من يتزعم المعارضة نواب الحركات الإسلامية، وقد تلجأ إلى أسلوب آخر وهو عرض المنح والعطايا والتجنيس والمزارع لمن ترى امكانية استدراجه من هذا الباب. وللأسف أن البعض قد سقط في هذا الفخ بينما كان هناك، ومازال، رجال أبت كرامتهم أن يبيعوا ضمائرهم من أجل بطونهم.

لقد استخدمت الحكومة في الفترة الأخيرة الحكمة القائلة «خير وسيلة للدفاع الهجوم»، ولكي تشغل النواب في تلقي الضربات والبحث عن طريقة يدافعون فيها عن أنفسهم قامت بدعم بعض القنوات الفضائية والتابعة لبعض الموالين لها للعمل على تشويه سمعة المخالفين والمعارضين والحط من قدرهم، وبمنهج هو أبعد ما يكون عن النزاهة والأخلاق. وما سكوت الحكومة الطويل عن هذه القنوات وغض الطرف عنها لتبث سمومها وتمزق وحدة المجتمع إلا أكبر دليل على تواطئها.

إن على الحكومة أن تتحلى بشرف الخصومة، وألا تكون ممن إذا خاصم فجر، لأنها تبقى في النهاية كالأم التي تضم تحت جناحيها أبناءها وتظل تحسن إليهم وإن أساؤوا إليها، أو قصروا في حقها.





عبدالعزيز صباح الفضلي

كاتب كويتي

Alfadli-a@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي