الخليج يتحوّل إلى عصب سيادي لتكنولوجيا الحوسبة

«ميد»: الكويت تُحدّث بنيتها للمدفوعات تعزيزاً لابتكارات «الفنتك»

تصغير
تكبير

يدخل الشرق الأوسط 2026 لحظة تاريخية تشهد إعادة تنظيم شاملة لسلاسل توريد التكنولوجيا العالمية وقدرات الحوسبة.

ومع إعادة تشكيل التوترات الجيوسياسية لفرص الوصول إلى الرقائق المتقدمة ومصادر الطاقة الآمنة، تبرز دول الخليج، وفي مقدمتها الكويت، كوجهة مثالية لاستضافة البنية التحتية للجيل القادم من الذكاء الاصطناعي، مدفوعة بالاستقرار السياسي، والوفرة المالية، ومصادر الطاقة الموثوقة.

في سياق التحوّل الرقمي الإقليمي وتحديث البنية التحتية المالية والمدفوعات، أفادت مجلة ميد في تقرير حديث صدر أن الكويت تخطو نحو تحديث وترقية بنيتها التحتية للمدفوعات وتجربة الأنظمة القابلة للتشغيل البيني. ويأتي هذا التوجه لدعم ابتكارات التكنولوجيا المالية (فنتك)، ورقمنة الشركات الصغيرة والمتوسطة، والمنتجات المالية المدعومة بالذكاء الاصطناعي.

وتعمل الكويت بالتوازي مع جيرانها في مجلس التعاون على إرساء القواعد لاقتصاد رقمي متكامل يعتمد على الهويات الرقمية المشتركة والمحافظ الرقمية الآمنة.

وحسب المجلة، تشير التوقعات إلى نمو سوق الذكاء الاصطناعي العالمي من 131 مليار دولار 2024 إلى أكثر من 640 مليار دولار بحلول 2029. وتدرك المنطقة هذه الفرصة جيداً، حيث توفر القدرة الإنتاجية للطاقة في السعودية والإمارات وقطر ميزة هيكلية في وقت تُعاني فيه أسواق العالم من عقبة إمدادات الطاقة اللازمة لتشغيل مراكز البيانات الضخمة.

وبدلاً من أن تكون المنطقة مجرد مستخدم للتقنية، تتحول اليوم إلى «عقدة إستراتيجية» في هندسة السحاب العالمية، حيث يتم نشر مراكز بيانات كثيفة استهلاك الطاقة ومبادرات «الذكاء الاصطناعي السيادي» بعيداً عن اضطرابات سلاسل التوريد في الغرب والشرق.

وتضع خطط التنويع الاقتصادي الخليجية الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية في قلب التخطيط الوطني. وتستثمر الصناديق السيادية، مثل «مبادلة» وصندوق الاستثمارات العامة السعودي بكثافة في الشركات الناشئة والبنية التحتية العميقة، بما في ذلك مجموعات الحوسبة الغنية بمعالجات الرسوميات (GPUs)، ومراكز البيانات العملاقة، وشراكات الرقائق.

وخليجياً، أصبح الذكاء الاصطناعي قدرة وطنية إستراتيجية، وليس مجرد تكنولوجيا للقطاع الخاص. وتعمل الحكومات على دمج الذكاء الاصطناعي في الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية، والهجرة، والسلامة العامة، وتخطيط البنية التحتية. كما يمثل تطوير نماذج لغوية كبيرة وطنية (باللغة العربية) انتقالاً من مرحلة التجريب إلى بناء المؤسسات الرقمية، ما يدعم أتمتة القضاء وتحسين تدفقات العمل في القطاع العام.

ويقوم عمالقة مثل «أمازون ويب سيرفيسز» (AWS)، و«مايكروسوفت أزور»، و«غوغل كلاود» بتوسيع نطاق تواجدهم في الخليج. وتعكس الأقاليم السحابية السيادية الجديدة معايرة إستراتيجية لدعم الحوكمة المحلية للبيانات.

وتسهم هذه الخدمات السحابية المستضافة إقليمياً في خفض حواجز الدخول للشركات الناشئة، ما يعزّز صمود وسيادة الاقتصاد الرقمي الإقليمي.

ورغم الزخم القوي، تبرز تحديات هيكلية تتمثل في نقص المواهب المتخصصة في هندسة الذكاء الاصطناعي وتصميم الرقائق والأمن السيبراني. وتستثمر الحكومات في التدريب والشراكات الدولية لسد هذه الفجوة. كما يفرض تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي مخاطر سيبرانية جديدة، ما يتطلب إستراتيجيات دفاعية متطورة وحوكمة دقيقة للمحتوى وسيادة البيانات.

وستعتمد قدرة المنطقة على ترجمة طموحاتها واستثماراتها إلى قدرة تنافسية عالمية مستدامة في النهاية على مدى فعالية معالجة هذه التحديات الهيكلية وتطوير الكوادر الوطنية القادرة على قيادة هذه الطفرة الرقمية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي