الشاعر والأديب التونسي حاضر في «معرض الكتاب 48»
المنصف الوهايبي: نبرة غنائية رقيقة في قصائد سعاد الصباح
- لا يوجد نص بكر... واللغة ليست قابلة للتوريث
خصّ الشاعر والروائي والأكاديمي التونسي المنصف الوهايبي، الشاعرة الدكتورة سعاد الصباح بوقفة تقدير، مؤكداً أنها إحدى أيقونات الشعر الكويتي، وقد أسهمت في إثراء الساحة الثقافية بعشرات القصائد.
وأوضح الوهايبي، خلال محاضرة «أروقة الحديث» التي انعقدت ضمن برنامج «رواق الثقافة» في إطار فعاليات الدورة الثامنة والأربعين لمعرض الكويت الدولي للكتاب، أن شعر سعاد الصباح ينتمي إلى التفعيلة، ويتسم بنبرة غنائية رقيقة ومحكمة، تنطوي على عمق تجربتها الإنسانية.
وكان الوهايبي استهل حديثه خلال الندوة، التي أدارها الإعلامي علي بن نخي، بحضور جمع من رواد المعرض ومحبي الشعر العربي، بالتأكيد على أن الجلسات الحوارية جزء أصيل من تقاليد معارض الكتاب في العالم، لما تتيحه من مساحة تواصل مباشر بين المبدع وجمهوره، فيظهر الشاعر أو الكاتب أقرب ما يكون إلى الناس وأكثر عفوية في التعامل معهم.
وأوضح أنه درس في تونس ودرّس فيها، وأن تجربته الأكاديمية رافقت تجربته الإبداعية، كما انفتح على ثقافات أخرى من خلال ترجمة قصائد لشعراء من فرنسا والبرتغال وإسبانيا، من بينهم الشاعرة البرتغالية روزا أليس برانكو، حيث تُرجم لها ديوانان هما «ما ينقص الأخضر ليكون شجرة» و«نخلة القيروان».
وأشار إلى أن هذه الترجمات تأتي في إطار التبادل الثقافي الذي يُثري الشعر العربي ويمنحه أفقاً إنسانياً أوسع.
وفي سياق حديثه حول طبيعة النص الشعري، شدّد الوهايبي على أنه «لا يوجد نصّ بكر»، فالنص امتداد لإرث اللغة وتراكماتها، واللغة في جوهرها ليست قابلة للتوريث أو التصنيع، لكن يمكن إثراؤها بما يستجد في حياتنا من مفردات وتجارب.
وأضاف أن الشعر الجيّد هو ذاك الذي نشتم فيه رائحة الأسلاف الحقيقيين، من الجذور الضاربة في التاريخ، إلى التربة التي صاغت الحضارة والتراث والدين. وأكد أن «لا كلمة في العربية إلا ولها وزن»، في إشارة إلى الموسيقى الكامنة في بنيتها العميقة.
وتوقف الوهايبي عند الشعر الجاهلي، واصفاً إياه بأنه الأقوى عبر العصور، لأنه يشكّل الأساس الذي بُنيت عليه الفصحى، وهو الروح التي جعلت اللغة «شاعرة نفسها».
ومن هذا الباب، انتقل للحديث عن التصوّف في الشعر، مستحضراً شخصية المتصوّف الحسين بن منصور الحلاج، ومبيناً أن الشعر الصوفي يشعّ بالحب والإلهام ويُفضي إلى التأمل في عظمة الخالق.
وفي محور آخر من المحاضرة، تناول الوهايبي سبب تسمية السطر الشعري بـ«البيت»، مستشهداً بما أورده الأديب حازم القرطاجني في كتابه «سراج البلغاء»، الذي شبّه البيت الشعري بالبيت المعماري الذي يضمّ أهله، بينما يضمّ بيت الشعر كلماته وصوره ومعانيه. وأوضح أن الشعر يمارس فعلاً بنائياً، يعيد من خلاله ترتيب العالم وتشييد جمالياته في مواجهة ما تهدمه عوامل الزمن والطبيعة.
بهذه الرؤى العميقة والمقاربات المتنوعة، قدّم الوهايبي أمسيةً تثري الذائقة وتضيء طرقاً جديدة للتفكير في الشعر، بوصفه فناً حياً يتغذى من الماضي ويكتب حضوره المتجدد في الحاضر.