محكمة العدل الإلهيّة

تصغير
تكبير

في محاكم العدل الإلهيّة، يُحاسَب الإنسان على الضرر الماديّ والمعنويّ معاً. محكمة لا تغيب عنها خفايا النفوس ولا أسرار القلوب، ولا يردّ عليها شطبٌ ولا وقفٌ ولا انقطاع.

هي محكمة قاضيها لا يخطئ ولا يزلّ، ولا ترفّ له عين، وقضيّتها رابحة لا محالة.

عدالتها تشمل الدنيا والآخرة معاً، ولا تستثني أحداً، لا فرق فيها بين عربيّ وأعجميّ، ولا بين غنيّ وفقير.

هي محكمة صريحة لا يشوب أحكامها غموض أو لبس، ولا تحتاج إلى تفسير. تُعطي كل ذي حق حقه بلا زيادة ولا نقصان.

يطرق بابها كلّ مظلوم رافعاً شكواه، بلا مواعيد تنظيمية أو رسمية أو أيّ إجراءات شكلية.

من السهل أن يتلوّن الإنسان فتارةً يلعب دور المعصوم البريء، وتارةً دور الضحية المذبوحة.

يمارس الخداع على الجهات القضائية وعلى عامة الناس، ويتقن التمثيل حتى يصدّق كذبته، فيُقنع نفسه أولاً قبل أن يحاول إقناع الآخرين.

يختبئ خلف قصصٍ مزيّفة، يجمّلها بالعاطفة والمظلوميّة هرباً من مواجهة ذاته وذنبه.

لكن أمام محكمة العدالة الإلهيّة لا ينفع التمثيل؛ الأقنعة تسقط، والأدوار تنكشف، ولا مجال للمواراة حين تنطق الأعمال بما اقترفت الأيدي من أضرارٍ ماديّة أو معنويّة أو شعوريّة.

الأدلّة فيها معلومة سلفاً، لا تحتاج إلى رفع بصماتٍ ولا شهادة خبراء، ولا إلى أيّ وسيلة من وسائل الإثبات.

نُحبّ أن نتمسّك بفكرة العدالة الإلهيّة أو ما يُعرف في بعض الثقافات بـ«الكارما» وأن نصدقها ونؤمن بأن حقوقنا مرفوعة في محكمة كبرى، محكمةٍ أعلى من كل محاكم الأرض.

فكرة تُخفّف حرارة القهر في داخلنا، وتمنحنا عزاءً وطمأنينة، لأن فيها تُعاد الحسابات، وتُوزَن الموازين على حقّ وعدل لا يزول ولا يُزيف.

لا يسعنا إلا أن نؤمن بها، ونستمد منها سَكِينَتنا ومنجانا... فهناك، في محكمة العدل الإلهيّة، لا يضيع الحق مهما طال الزمن أو قصر... أو هكذا نأمل.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي