الأمر يتطلب إطاراً قانونياً لضمان عدم استغلال البيانات وحماية «الخصوصية العقلية»
الذكاء الاصطناعي يحاول اختراق أدمغتنا بالتكنولوجيا العصبية
في ظل التطور المتسارع لتكنولوجيا الغرسات العصبية والذكاء الاصطناعي، بدأ خبراء يناقشون التساؤل الملح حول الحاجة إلى مجموعة جديدة من الحقوق لحماية قاعدة بياناتنا الأكثر حميمية، ألا وهي: أدمغتنا.
وفي مقالها بمجلة «نيويورك تايمز»، تناولت الكاتبة الأميركية «ليندا كينستلر» التهديد الذي تشكله الشركات الكبرى، مثل «نيورالينك» التابعة لإيلون ماسك، على الخصوصية العقلية، في ظل سعيها للوصول المباشر إلى أدمغتنا.
وتوضح الكاتبة قوة واجهات الدماغ والحاسوب (B.C.I.s) التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لفك شفرة «الكلام المتخيل»، وإعادة إنشاء «الصور الذهنية»، وتتبع المشاعر ومستويات الطاقة، بل وحتى الكشف عن «الميول الجنسية» و«الأيديولوجية السياسية» و«الخداع» من خلال الإشارات العصبية.
وأشارت الكاتبة إلى أن هذه التقنيات، التي تتراوح بين الغرسات العصبية والأجهزة القابلة للارتداء مثل النظارات والسماعات، تهدف إلى إنشاء مسار ثنائي الاتجاه بين العقل والآلة، وتهدف شركة «نيورالينك»، التي زرعت أجهزتها القابلة لإعادة الشحن في 12 شخصاً حتى الآن، إلى ربط الشبكات العصبية داخل أدمغتنا بالشبكات الذكية الاصطناعية الخارجية. ويحذر خبراء الأخلاق العصبية من أن هذا التقدم قد يؤدي إلى «إعادة كتابة إحساسنا بالذات» إذا لم يتم تنظيمه بشكل صحيح، خصوصاً مع دخول عمالقة التكنولوجيا مثل جيف بيزوس وبيل غيتس في هذا المجال، واستثمارهم في شركات منافسة مثل «سينكرون» (Synchron)، وتطوير شركات أخرى مثل «آبل» و«ميتا» لمنتجات عصبية استهلاكية.
وقد دفع هذا التطور السريع دولاً عدة إلى اتخاذ إجراءات تشريعية لحماية «الحقوق العصبية» (Neurorights). ففي العام 2021، عدلت تشيلي دستورها لتشمل حماية صريحة لهذه الحقوق، واعتمدت إسبانيا قائمة غير ملزمة بـ«الحقوق الرقمية» التي تحمي الهوية الفردية والحرية والكرامة من التقنيات العصبية.
كما وقعت الدول الأوروبية على «إعلان ليون» حول التكنولوجيا العصبية، الذي يركز على نهج «قائم على الحقوق».
وعلى المستوى الفيدرالي في الولايات المتحدة، قدم ثلاثة أعضاء في مجلس الشيوخ «قانون إدارة البيانات العصبية للأفراد» (MIND Act) في سبتمبر الماضي، والذي يهدف إلى توجيه «لجنة التجارة الفيدرالية» لدراسة كيفية تعريف وحماية البيانات العصبية.
وإذ يؤكد خبراء مختصون أن غياب التنظيمات التي تحكم جمع البيانات العصبية وتسويق واجهات الدماغ والحاسوب تجعلنا عرضة لأن نصبح أكثر خضوعاً لأجهزتنا ومُنشئيها، شددت نيتا فاراهاني أستاذة القانون والفلسفة في جامعة ديوك، على أن ما هو قادم هو «تكامل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا العصبية مع أجهزتنا اليومية»، ما يستدعي وضع إطار قانوني شامل لضمان عدم استغلال هذه «البيانات الحميمة» وحماية «الخصوصية العقلية» للأفراد.