بمشاركة «الماص للفنون الشعبية» في «مركز جابر الثقافي»

ميشال فاضل مزج أنغام الشرق والغرب... في «بتروح لك مشوار»

تصغير
تكبير

في ليلة تشبه القصيدة، انساب فيها الضوء على مفاتيح آلة البيانو كأنه يكتب حكاية عشق بين منطقة الخليج العربي والغرب، صعد الموزع الموسيقي اللبناني ميشال فاضل، إلى خشبة مسرح «قاعة جابر العلي للموسيقى» الواقعة بمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي مساء الأربعاء، حاملاً معه مشروعاً موسيقياً مختلفاً، يختصر به المسافة ما بين موسيقى الغرب والكويت في عنوان واحد... «بتروح لك مشوار».

الأمسية، التي أنتجتها شركة «ميوزايكون»، كانت بمثابة احتفاء بالفن العابر للحدود، وبموسيقى تحاور الثقافات وتتعانق على إيقاع واحد يجمع النبض الخليجي والشرقي بالأداء الغربي.

ومع أول نغمة عزفها فاضل، بدا واضحاً أن الجمهور أمام ليلة غير اعتيادية، ليلة موسيقية تُرى وتُسمع... وتُحسّ بالقلب. فكانت رحلته في «بتروح لك مشوار» عبارة عن تجربة موسيقية استثنائية أعادت تعريف العلاقة ما بين اللحن والهوية، حينما مزج الطابع الغربي بالروح الخليجية في توليفة فريدة من نوعها.

البداية

افتتح فاضل، الحفل بمعزوفة «ألف ليلة وليلة»، فبدت القاعة كأنها تغفو على صوت الحكاية، فكانت الأنغام تمهّد لرحلة تنساب فيها الموسيقى من الأصالة إلى الحداثة بانسيابية مدهشة. ومع انضمام أعضاء فرقة «الماص للفنون الشعبية» وشباب وشابات «الكورال»، اشتعل المسرح بأغنية «كوكو» التي فاضت حيوية وإيقاعاً، لتبدأ بعدها «الشربكة» الكويتية التي رافقت الانتقال إلى ميدلي ضمّ أغنيتي «آه يا حلو» و«بسته» بإحساسها الراقص.

وقدّم فاضل بعد ذلك مقطوعة «عايشة وحدا بلاك»، حيث تمازجت فيها أصوات «الكورال» مع البيانو بتناغم جعل الحضور ينساب في موجة من الإحساس الهادئ. ثم توجّه إلى الجمهور بابتسامة قائلاً: «لديّ صديق من رومانيا جاء خصيصاً للمشاركة، يُدعى ريلو، وهو عازف آلة الكلارينت، وسنقدّم معاً أغنية (بتونس بيك) بمشاركة فرقة الماص، واليوم راح تسمعوها بإحساس مختلف».

وحينما بدأ العزف، ساد الصمت بين المقاعد في حوار صادق بين الكلارينت والبيانو. لكن ما إن دخل أعضاء «الماص» بإيقاعاتهم حتى اشتعلت القاعة تصفيقاً، إذ أضفوا على الأغنية نكهة كويتية تفيض حياة.

لم تتوقف المفاجآت، إذ قدّمت «فرقة الماص» بعد ذلك نهمة بحرية من الفن السنغني أداها بصوته راكان النجم، ترددت أصداؤها في القاعة كأنها تغني للموج، ليندمج صوت البحر مع أغنية «بتحدى العالم» بصوت الفنان اللبناني الشاب جاد عز.

كما قدّم فاضل توزيعاً جديداً لـ«ميدلي» سامري انطلق مع أغنية «قومي ارقصي لي (البوشية)»، تبعها أداء أغنيتي «ألا يا أهل الهوى» و«أبشري يا عين».

وحين أطلت الفنانة اللبنانية فادية نجم بصوتها، تبدّل لون المسرح، فأدّت أغنيتي «أنا حلوة وعارفة حالي» و«بتناديني تاني ليه» للراحلة سعاد حسني بحضور لافت وأناقة صوتية جذابة.

وواصل فاضل، تقديمه المميز مع أغنية الفنان عبدالحليم حافظ «أول مرة تحب»، حيث شارك الجمهور الغناء مع الكورال، ثم جاءت أغنيتا «زي الهوى» و«جانا الهوى» للعندليب لتشعل القاعة بالحنين والحماسة في آنٍ واحد.

إيقاعات... نار

بعد استراحة قصيرة، عاد الجمهور ليستقبل الفصل الثاني بموسيقى «موزارت»، ثم أعقبها عرض ناري من عازف الطبلة اللبناني روني باراك.

وبدورها، تألقت الفنانة الكويتية الشابة جود حينما قدمت بصوتها أغنية «ليلة» بمرافقة الفرقة الموسيقية.

ثم قدّم فاضل «ميدلي» للفنان فضل شاكر بدأه بـ«كيفك عَ فراقي» ثم تلاه بأغنية «يا غايب». تبعها الكورال بأداء «يا دارنا يا دار»، ليكملوا الرحلة بـ«كل القصايد»، حينها توحّدت الأصوات على لحن واحد يشبه الحنين المشترك بين الشعوب.

وفي ذروة الحفل، عاد فاضل إلى ذاكرة الطرب الأصيل، فقدم «سهر الليالي» للسيدة فيروز بروح جديدة غلب عليها الطابع الأوركسترالي، تلتها «على بابي واقف قمرين» للراحل ملحم بركات، ثم ختم الرحلة الخليجية بأغنية «اللي نساك إنساه» للفنان القدير عبدالله الرويشد، التي غناها الجمهور معه بشغف وتقدير.

وقبل أن تنطفئ الأضواء، أطل العازف ماريو ستيفانو بمقطوعة حالمة على آلة الأكورديون بمرافقة البيانو، تبعها محسن شريفان بمقطوعةٍ أخرى تنضح بالشجن والعاطفة.

«فكرة مجنونة»

قال فاضل لـ«الراي» عقب انتهاء الحفل «قبل كل شيء الكويت ولبنان هما بلد واحد، وقد كنت سعيداً بتقديم هذه الفكرة الموسيقية المجنونة التي كانت خليطاً رائعاً، والأجمل بالنسبة إليّ هو مشاركة فرقة الماص للفنون الشعبية التي منحت إحساساً مختلفاً، إذ طوال مسيرتي الموسيقية لم يسبق لي أن شهدت شيئاً مثيلاً لها. أما نجوم الحفل، فقد تجمعوا من دول متعددة حول العالم لتقديم الموسيقى التي لا تعرف حدوداً، فكانت المشاركة من الكويت ولبنان ومصر وكوبا ورومانيا وإيطاليا وإيران». وتوجه بالشكر «للشركة المنتجة والمنتجين فواز العنزي وشاهين البابطين على صناعة هذه الليلة الجميلة التي جعلتني أقدم حفلاً رائعاً أمام الشعب الكويتي المحب للطرب والموسيقى الراقية».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي