مبارك الهزاع / محقان / إنه صراع اقتصادي

تصغير
تكبير
يقول أحدهم: إذا وجدت مشكلة فأبحث عن مصدر الأموال وستعرف سببها.

معظم ما يحدث من مشاكل نواجهها، بل أكاد أجزم أن جميعها يتمحور حول توزيع الثروة منذ أيام الشيخ مبارك الكبير وإلى يومنا هذا، وليس شرطاً أن تكون هي السبب الأول بل هي أحد العوامل الرئيسية التي تتفرع منها الطائفية والقبلية وغير ذلك من المسميات التي ابتلينا بها.

حدث نقاش لطيف بين صامويل هاتنغتون مؤلف كتاب «صراع الحضارات» مع المفكر الأميركي من أصل فلسطيني إدوارد سعيد صاحب كتاب «الاستشراق» حول حتمية صراع الحضارات وتصادمها وأن السبب الرئيس هو اختلاف ديانات وثقافات الشعوب بين بعضها الآخر، وأن الحروب هي النتيجة الحتمية لتلك الاختلافات لأنها غير متجانسة, ورد عليه إدوارد سعيد بأن الديانات المختلفة جميعها تتشابه في إطارها الأخلاقي ويكاد يكون موحداً للجميع، ولم تكن هي السبب الرئيسي في تلك الحروب على مر الأعوام، ليس لأنهم يختلفون في ما بينهم بل ما يحدث هو استغلال هذا الاختلاف على أنه القضية المحورية رغم وجود قضايا أخرى لا يراد الإفصاح عنها والتي عادة ما تكون هي المسبب الاول لأي صدام، وغالباً ما تكون السعي وراء المال أو السلطة. جميع الديانات اختلافاتها لا تصنع عداوات تجاه الاخرين فقط لأنها تختلف بل على العكس الاختلاف أمر طبيعي جداً وبالإمكان التعايش معه إذا ما وجد وهي ليست خلافات والفرق كفيل بالتفريق بينهما.

في الحروب الصليبية كانوا الملوك يدعون إلى الحروب المقدسة باسم المسيح عليه السلام ولكن الواقع كان بسبب الجشع والطموح السياسي لمعظمهم, وهذا ما حدث مع صدام لا بارك الله في ذكره عندما غزا الكويت حيث أعطى أكثر من تبرير للغزو أولها البداية لفتح فلسطين ومحاربة الصهاينة! ولم يعلن صراحة أنه أراد أن «يترس» خزاناته ويكمل بناء قصوره وأبوابها المرصعة بالذهب بينما شعبه يموت من الجوع, وأيضاً الشيء نفسه مع بن لادن والظواهري فهم يقولون بأنها حرب وجهاد ضد أعداء الإسلام بينما الواقع «المحشش» الذي يسلكونه وتعاطيهم للأفيون وتجارتهم فيها لا تعكس أي شيء من الإسلام, وقتل الأبرياء والأطفال يسمى بخسائر حتمية لمصلحة أكبر ويبررون همجيتهم هكذا ويستخدمون عقول السذج من المسلمين ليبينوا لهم أن المسألة مسألة مسيح ويهود ومسلمين، وأن هناك حرباً تشن ضد المسلمين, وهناك شيء من الحقيقة في ذلك ولكنها ليست كما يصورها «بو خرجة» واتباعه. طبعاً لا ننسى إيران وما يفعلونه من إجرام في حق شعبهم من قتل ودهس للناس بالسيارات وضرب النساء بالهراوات وقمعهم باسم الدين, فحتى رفسنجاني أكبر تاجر فستق في ايران ورغم ثلاثين عاماً من الولاء والطاعة لنظام الفقيه ينعت بعدها على أنه عميل لأميركا, ولم تقف إيران عند هذا الحد حيث أبدت تخبطاً واضحاً في اتهام جيرانها بأنهم يتدخلون ويدعمون المظاهرات التي حدثت مؤخراً كي يطمسوا كره الناس لهم والإيحاء بأن أميركا «تبي تطلعلهم بالهده» والحقيقة أنهم لم يشبعوا بعد من أموال الخمس ومن احتكار كل شيء فيه مصدر للمال والجاه كما يفعل أغلب تجارنا الأكارم.

الجميع إذا يكذب ويستخدم ما يستطيع أن يجمع من تبريرات من خياله ليفعل ما يريد محاولاً قدر المستطاع إخفاء نواياه الحقيقية, ولو قسناها على الواقع الكويتي نجد صراعاً اقتصادياً معقد بين أفراد ومجاميع وشيوخ وجميع هذه الصراعات تتمحور حول «كيكة» دسمة الجميع يريد قطعة منها, فهناك من يدعي بأنه يمثل الشيعة، وهناك من يقول بأنه يحمي مصالح الطبقة الوسطى، وهناك من يدعي بأنه يحامي عن هيبة الأسرة، وهناك من يعتقد بأنه يحمي مصالح التجار وإطلاق القاب على كل من هب ودب من شيوخ وعمام، ولكن في النهاية جميعهم هم كما قال عنهم الشاعر

القاب مملكة في غير موضعها

كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد

فكلهم تهمهم مصالحهم وهم على أتم استعداد لاستخدام أي تبرير يجدونه لمحاولة حماية مصالحهم الخاصة كونه أفضل غطاء لمآربهم, فبعض «الضباع» يبين للشيعة بأنهم مظلومون وبأنهم هم من يدافع عنهم ويمثلون مصالحهم لمكاسب سياسية رخيصة وشخصية والشيء نفسه مع الآخرين «بس في أحد يستحي؟»

سأتناول في المقال المقبل تفاصيل هذا الصراع في المجتمع الكويتي وأثره ونتائجه، وإلى ماذا سيؤدي في نهاية المطاف.

يقول عبدالله الفرج رحمه الله:

باسايلك يا قلب شنهو بزمانك شفت

عن ريمة حدرت بين الانذال شفت

اصحاب ذا الوقت ما فيهم مروه شفت

من عاشر الشين لازم ما يشوف اللاش

ويصير ناقص عقل بين العواذل لا شيء

يا تايه الراي رايك ما يفيد ابلاش

كذبت انا خلتي حتى بعيني شفت



مبارك الهزاع

كاتب كويتي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي