العنوان مأخوذ من الحديث الشريف عن صفوة الخلق النبي، صلى الله عليه وسلم، في قوله لأبي ذر، رضي الله عنه: (لا تحقرن من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق).
وجرت العادة أن يقول وصفاً كثير من أحبتنا حين تعرض مواقف الرجال «معروفه في بطني» أو «ما أنسى معروفه»، وهو تقدير لموقف مقدم المعروف، سواء كان على هيئة خدمة كتسهيل معاملة، مساعدة في موقف حرج، أو مساعدة في التفريج عن كربة مالية... إلخ.
والمعروف ليس مقصوراً على معاملة أو قضاء دين وخلافه من حاجات يكون الفرد في أمس الحاجة لمن يساعده فيها، بل هي تعني كل عمل خير يقوم به الإنسان ولو تبسمه في وجه أخيه، كما جاء في الحديث، وفيه جبر للخواطر الذي يعتبر من أهم العبادات... والمعروف أثره كبير على البلد والعباد
فــ (صنائع المعروف تقي مصارع السوء).
إنّ أجمل ما قيل حول عمل المعروف في ما يخص قضاء حاجات الناس، أبيات خالدة للإمام الشافعي، يقول فيها:
الناس للناس ما دام الوفاء بهم
والعسر واليسر أوقات وساعات
وأكرم الناس ما بين الورى رجل
تُقضى على يده للناس حاجات
لا تقطعن يد المعروف عن أحد
ما دمت تقدر فـالأيام تـارات
واشكر فضيلة صنع الله إذ جعلت
إليك لا لك عند الناس حاجات
قد مات قوم وما ماتت فضائلهم
وعاش قوم وهم في الناس أموات
الشاهد، أننا في بعض الأحيان نلاحظ ممارسات نخشى أن تقتل المعروف بين الناس.
لذلك، إن أتاك صاحب حاجة فلا ترده إن كان من الثقاة الأخيار فـ «الأيام تارات»، واحرص على رسم الابتسامة عندما تلتقي بالآخرين وهو أبسط أوجه المعروف.
وتوجيه النصيحة «الدين النصيحة»، معروف له أثره الكبير في إصلاح الأحوال بين أفراد المجتمع ومسؤوليه.
قصص كثيرة نسمعها ولا نجد مبرّراً لها وبالأخص لأشخاص يمرون في ضائقة مالية ولم يجدوا من يقف بجانبهم وكثير من الأُسر المتعففة يعرفهم القائمون على العمل الخيري.
فمتى ما نزعت الرحمة والمعروف ستحل علينا أحوال سوء... وهذا ما نخشاه.
نحن أمام خطين متوازيين بالنسبة للعمل بالمعروف، خط يخص الناس في ما بينهم من باب التكافل والتلاحم والمؤازرة، وخط بيننا نحن العباد وبالأخص أصحاب الخبرة والعقلاء الحكماء «أهل الشرف» تجاه المسؤولين حيث تستدعي الضرورة إلى توجيه النصيحة لتحقيق الازدهار للمجتمع وأفراده.
الزبدة
لا تحقرن من المعروف شيئاً... تبسم وكن متفائلاً ووجه النصيحة أينما كنت فلا تعلم كم من الخير ستجنيه من عمل المعروف.
ولا يجب أن نتحسس حينما يأتينا صاحب حاجة دفعته الظروف لك ما دمت قادراً على المساعدة.
وأتمنى أن يتسع صدر المعنيين إزاء النقد البناء الذي منه ترسم الحلول لتحقيق ما نصبو إليه... الله المستعان.