أما بعد...

الاعتراف الدولي بدولة فلسطين

تصغير
تكبير

منذ إعلان استقلال دولة فلسطين في الجزائر عام 1988، ظلّ الاعتراف الدولي بفلسطين قضية جوهرية في مسار النضال السياسي للشعب الفلسطيني. فالاعتراف لا يقتصر على كونه إجراءً دبلوماسياً، بل هو تثبيت للهوية الوطنية الفلسطينية، ودعم للحقوق التاريخية والقانونية للشعب الذي يعاني من الاحتلال منذ أكثر من سبعة عقود.

الاعتراف كشرعية دولية

الاعتراف بدولة فلسطين يعني إقرار المجتمع الدولي بحق الفلسطينيين في السيادة والاستقلال، استناداً إلى القرارات الأممية التي نصّت بوضوح على حقهم في تقرير المصير. فكلما ازداد عدد الدول المعترفة، زادت قوة الموقف الفلسطيني في مواجهة محاولات طمس الهوية ومصادرة الأرض.

البعد القانوني والسياسي

دخول فلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة عام 2012 كان محطة مفصلية، إذ مكّنها من الانضمام إلى المنظمات والمعاهدات الدولية، وعلى رأسها محكمة الجنايات الدولية، وهو ما أتاح ملاحقة الانتهاكات الإسرائيلية ضمن الأطر القانونية العالمية. لكن ذلك يبقى ناقصاً دون اعتراف شامل من معظم دول العالم، خاصة الدول المؤثرة في موازين القوى.

تعزيز الموقف التفاوضي

الاعتراف لا يعني إلغاء المفاوضات، لكنه يوازن المعادلة. فحين يعترف العالم بفلسطين كدولة، تصبح المفاوضات مع الكيان الإسرائيلي مفاوضات تحمل طابع القانون الدولي الذي يخضع للمعاهدات والاتفاقات الرسمية والعمول بها لدى الأمم المتحدة، لا بين سلطة تحت الاحتلال ودولة قائمة، ما يعزز القدرة الفلسطينية على فرض شروط عادلة لأي تسوية مستقبلية.

البعد الإنساني والمعنوي

لا يقلّ الاعتراف أهمية على المستوى الرمزي والإنساني، إذ يمنح الشعب الفلسطيني شعوراً بالانتصار لعدالة قضيته، ويرسل رسالة إلى الأجيال الجديدة بأن تضحياتها لم تذهب سدى. كما يساهم في رفع العزلة عن الفلسطينيين في المحافل الدولية ويفتح أمامهم مجالات للتعاون الثقافي والاقتصادي والتنموي.

الخلاصة

إن اعتراف الدول بدولة فلسطين ليس مجرد تضامن معنوي، بل هو ركيزة أساسية في بناء نظام عالمي أكثر عدلاً، حيث يُكافأ المظلوم على صموده بدلاً من أن يُعاقب. وكل خطوة جديدة في هذا الاتجاه تقرّب الشرق الأوسط من سلام يقوم على الحقوق لا على الإملاءات، كما أن كل خطوة جديدة في هذا الاتجاه تُعيد التوازن المفقود في القضية الفلسطينية المظلومة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي