أقسم الله بالعصر وهو «الزمان/الدهر» في سورة العصر... وحسب تفسير سورة العصر لابن كثير «ذكروا أن عمرو بن العاص وَفَدَ على مسيلمة الكذاب (لعنه الله)، وذلك بعد ما بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقبل أن يُسلِم عمرو فقال له مسيلمه: ماذا أُنزل على صاحبكم هذه المدة؟ قال لقد أنزل الله عليه سورة وجيزة بليغة، فقال: وما هي؟ فقال: «والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر» ففكر مسيلمة هنيهة ثم قال: وقد أنزل علي مثلها، فقال له عمرو: وما هي؟ فقال ما قال من كلام هزلي، ثم قال: كيف ترى يا عمرو؟ فقال له عمرو: والله إنك لتعلم أني أعلم أنك تكذب.
الشاهد... ألا تدل هذه السورة على ضرورة عمل الصالحات والتواصي بالحق والصبر؟!
ولنتدبر الأمر... أليس من الحق اتباع أوامر الله ونواهيه والأمر بالمعروف؟
ولنحاول أن نسقط معاني هذه السورة الكريمة في علاقاتنا الإنسانية وطريقة إدارة مؤسساتنا... فماذا نرى؟!
أليس من الحق أن يولَّى علينا في المؤسسات الحكومية أخيارنا، وأن نوقِع العقاب الشديد على كل فاسد مفسد مؤسساتيا واجتماعيا، وعلى كل من ينقل إشاعات تفتك بوحدتنا الوطنية.
كم من الشعارات أريد بها حقا وهي باطلة؟!
المشكلة التي يواجهها المجتمع لا تتعدى عدم تطبيقنا لما جاء في القرآن والسنة النبوية!
ولنتذكر الآية الكريمة «أفمن يمشي مكبّاً على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم»... وهذه الآية فيها إبداع إستراتيجي لا مثيل له، ذكرها الله قبل العلم الحديث، فهل تعلمون عن إستراتيجياتنا حسب المفهوم الإستراتيجي الصحيح الاحترافي؟ وحددت الآية لنا أيضاً الغايات والأهداف والمردود على الوطن والمجتمع وفئاته.
كثير من الشعارات يرد عليها أهل الاختصاص «إنا نعلم أنك تكذب»!
وعليه، أتمنى أن يأتي اليوم الذي نرى فيه الأخيار يتقدمون الصفوف في مختلف المواقع الحكومية ليرسموا لنا رؤية وأهدافاً ويتقبلون النقد المباح بصدر رحب، وكل أعمالهم تتسم بالشفافية والوضوح.
الزبدة:
إن ما جاء في القرآن والسنة النبوية قابل للتطبيق في كل زمان ومكان... والأمثله كثيرة لأمم خلت من قبلنا.
فلنتق الله في أنفسنا وأهلينا ومجتمعنا ونبحث عن الأخيار في اختياراتنا حتى على مستوى علاقاتنا الإنسانية؛ فقوة أي مجتمع تكمن في قوة أداء أفراده ومسؤوليه، في نهج تطبق فيه العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص...
نحن نريد أن نبحث عن ماذا نريد؟ وكيف لنا تحقيقه؟ من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق مسطرة الأوامر والنواهي الألهية، وخلاف ذلك سنخسر الكثير، كما خسرت أمم من قبلنا...! الله المستعان.