أبدع في تقديم عروضها المستمرة على خشبة نادي السالمية
محمد الحملي يُثبت في «اليلوة»... أنه نجم جيله و«جوكر» المسرح الكويتي
- محمد الحملي: الفن عشق كبير... خصوصاً المسرح
- هيا أحمد: التراث مهم... والأهم كيفية استخدامه بذكاء يخدم النص
- أحلام حسن: «اليلوة» ثاني تجربة ستؤثر بي بعد مسرحية «موجب»
- سماح: الموضوع «وايد يخرّع» كوني قريبة جداً من الجمهور «المسافة صفر»
- يوسف الحشاش: سنبقى نقدم هذا الإبداع طالما الجمهور مستمتع معنا
استطاع الفنان المخرج والمنتج محمد راشد الحملي، أن يثبت جدارته المستحقة بتعب وجهد وإبداع ليكون نجم جيله و«جوكر» المسرح الكويتي، وخليفة الرواد الذين صنعوا مجداً وتركوا خلفهم إرثاً مسرحياً كبيراً.
فهذا الفنان الشامل لا يتوقف عن تقديم الإبداع والجديد، إذ يجري حُبّ المسرح في عروقه مثل جريان الدم، من دون أن يوفّر طاقة أبداً في تقديم كل فكرة إبداعية، أو أن يلتفت إلى فكرة الخسارة المادية التي قد يتكبدها في حال عدم نجاحها، لأنه مؤمن تماماً بأهمية الفن، وبشغفه الدائم ونجاحاته في كل ما يقدمه، باحثاً من خلالها عن طرح الرسائل الهادفة فوق خشبة المسرح، مع زرع البسمة وتقديم المتعة في الوقت ذاته.
وواحدة من آخر إبداعات الحملي من خلال شركته «باك ستيج جروب» هي المسرحية التفاعلية «اليلوة»، التي قدمها – وما زالت مستمرة كل نهاية أسبوع فوق خشبة مسرح نادي السالمية – بواقع 100 كرسي فقط، مستنداً فيها إلى أسلوب المسرح العربي الحيّ للدكتور حسين المسلم، حيث صنع من أجلها مسرحاً من العدم، حينما حوّل أسفل المدرجات إلى مسرح يقدم إبداعاً.
وإلى اليوم، حظي الجمهور بحضور أكثر من 120 عرضاً مسرحياً من «اليلوة»، والنجاح هو حليف كل واحد منها، بالأداء والروح والتفاني ذاتها في تجسيد الشخصيات.
لا استراحة
تدور أحداث المسرحية طوال 90 دقيقة من الوقت من دون استراحة في إطار من الكوميديا والتراجيديا، تتخللها أحداث مشوّقة وطرح اجتماعي إنساني، من خلال قصة بسيطة في ظاهرها، عميقة في مضمونها، تتمحور حول شخصية سعود الذي أحب دانة، لكن اصطدم برفض عائلتها لهذه الفكرة رغم أنه جاء يطلبها وفقاً للأصول. ورغم مرور 5 سنوات على ذلك، لم يفقد الأمل في تحقيق هدفه، حيث أخذ يحيك الحيل بمعرفة شقيقها فهد محاولاً إقناع والدتها عواطف وخالتها موضي، فأقنعهما أن دانة قد تلبسها جني وتحتاج إلى شيخ دين ليقرأ عليها، ثم يطلّ عليهم بهذه الهيئة. وفي تارة أخرى، يظهر على أنه امرأة تدعى أم أحمد تقرأ الفنجان وتعرف الطالع من خلال الموجب الذي تقوم به، كما تقمّص شخصية طبيب مصري أتى كي يعالجها، إلى أن عاد إليهم كسعود وأقنعهم بحبه الشديد لها، ليتزوجا في نهاية المطاف.
المسرح التفاعلي
فكرة المسرح التفاعلي التي قدمها الحملي، لم يعتد عليها الجمهور إلا في المهرجانات الأكاديمية، لكنها فعلياً وفي «اليلوة» التي تواجدت «الراي» في أحد عروضها، حققت نجاحاً كبيراً وقبولاً ظهر جلياً من خلال تفاعل الجمهور مع الفنانين، حتى بات الأمر أشبه بالزوارة العائلية الحميمية الدافئة، وربما هذا العامل الأساسي الذي جعل الأحاسيس والمشاعر تصل بشكل أسرع.
إذ منذ بداية الدخول من البوابة، يعيش الجمهور أجواء الاستقبال وتقديم القهوة والتمر، إلى حين جلوسهم على الكراسي المتقاربة، لتبدأ إيقاعات فنون «القادري الرفاعي» و«النجدي» و«السامري». أما في الداخل، فكانت هناك مساحة صغيرة جداً لحركة الفنانين جعلتهم وجهاً لوجه مع الجمهور، مع ديكور بسيط يشير إلى بيوت الطين القديمة في الكويت، وأرضية فرشت كاملاً بالرمل، وإضاءات إما خافتة أو متلونة بحسب الحالة المسرحية للحدث، أبدع فيها نجوم «اليلوة» من دون استثناء، وقدموا شخصياتهم بكل احترافية وإتقان، وعيونهم تحاكي أعين الجمهور، متفاعلين معهم بحسب الحدث.
نجم العرض
كان الحملي، نجم العرض، الذي أطلّ بأربع شخصيات مختلفة، قدم كلاً منها بإتقان وحرفية عالية. أما سماح، فأظهرت حب الأم لأبنائها وخوفها الشديد على مستقبلهم، في حين كانت أحلام حسن المرأة الباحثة عن الاستقرار والزوج بعد تقدم العمر بها. أما شهد خسروه، فهي الفتاة المتمسكة بحبها العذري، وخالد الديحاني قدّم مثالاً للأخ المساند لأخته، والجميل كانت مشاركة الفنانة آمنة عبدالله بصوتها العذب في أكثر من أغنية شعبية.
«الفن عشق كبير»
على هامش العرض، تحدث الفنان محمد راشد الحملي، لـ«الراي» قائلاً: «الفن بصورة عامة بالنسبة إليّ هو عشق كبير، خصوصاً المسرح، إذ إنني أحاول أن أقدم للجمهور الأعمال الفنية التي تليق بذائقتهم، والتي تجمع في مضمونها ما بين الفكرة والطرح والمتعة».
وأضاف «أتمنى من خلال تجربتي الأخيرة، أن أكون قد وفقت من خلال مسرحية (اليلوة) في تحقيق ذلك الأمر، حيث إنها كانت مجرد فكرة تجول في ذهني، لكن بفضل جهود جميع الفنانين والفنيين خلف الكواليس أصبحت واقعاً ملموساً بفكر مبتكر ورسالة عميقة».
«الفكرة بدأت باتصال»
من جانبها، قالت مؤلفة المسرحية هيا أحمد، لـ«الراي»: «بدأت شرارة فكرة (اليلوة) باتصال من المخرج محمد راشد الحملي، حينما قال لي (عندي فكرة لمسرحية تفاعلية)، ورغم تواجدي في حينها خارج الكويت وتوقفي عن العمل موقتاً لظروف خاصة بي، لكنني تشجعت على كتابة النص بعد أن شرح لي الرؤية العامة، وشعرت بأن الفكرة فعلاً شدتني».
وأضافت «في البداية، أخذت أعمل على ترتيب الفكرة وتطوير الشخصيات بحيث تكون أقرب للناس، وأكثر عمقاً، وحتى تصل بمشاعرها قبل كلماتها، إذ كنت حريصة على أن تكون القضية اجتماعية إنسانية قريبة من الجمهور، وتلامس شيئاً حقيقياً داخل كل شخص يشاهد العرض».
«التراث مهم جداً»
وتابعت بالقول: «التراث مهم جداً، لكن الأهم هو كيفية استخدامه بذكاء يخدم النص. نحن بحاجة إلى مسرح يربطنا بهويتنا، وفي الوقت ذاته يخاطب واقعنا».
«فنان حقيقي»
وحول تعاونها المستمر مع الحملي كمنتج وفنان، قالت: «الأستاذ محمد راشد الحملي، هو شريك حقيقي في الرؤية والأعمال التي قدمناها مع بعض سواء للطفل أو الكبار، وحتى التلفزيون والمنصات و(يوتيوب) إلى جانب السينما، فالتعاون معه مريح وممتع ومثمر جداً. هو فنان حقيقي ومخرج يؤمن بالنص، ويعرف كيف يحوّل الكلمة إلى مشهد نابض ذي بعد بصري وإنساني، وإضافة لمساته الإبداعية مع احترام روح النص».
«مؤمنة بالفكرة»
وعما إذا كانت توقعت نجاح المسرحية بهذا القدر الكبير، قالت: «الحمد لله، كنت مؤمنة بقوة الفكرة، وبصدق النص، ولم يكن لديّ أدنى شك أن العمل سيلامس الجمهور الذي أسعدني جداً بعد كل عرض من خلال ردود الأفعال الإيجابية والنقاشات المطولة حول الشخصيات والقصة، سواء مباشرة مع الجمهور أو عن طريق المسجات. هذا بالنسبة إليّ هو النجاح الحقيقي، بأننا استطعنا إيصال الرسالة... ووصلت».
«بساطة القصة»
أما الفنانة أحلام حسن، فقالت من جانبها لـ«الراي»: «كنا واثقين من أن رسالتنا المتمثلة بحميمية المكان والتفاعل والشكل الجديد الذي طرحناه، ستصل إلى الجمهور قبل تحقيقنا للنجاح، الذي أتى بعد مرور أول أسبوع من العروض، إذ لمسنا حب الجمهور لهذه التجربة الفاعلية، رغم بساطة القصة. (اليلوة) هي ثاني تجربة ستؤثر بي بعد مسرحية (موجب)، وبالنسبة إليّ أصبحت أقرأ وأفهم محمد الحملي بمجرد النظر في عينيه، الأمر الذي تولّد من خلال الخبرة والاحتكاك والأعمال الكثيرة المشتركة بيننا».
«قريبة من الجمهور»
وتبعتها الفنانة سماح، بالقول: «منذ الوهلة الأولى التي تواصل مع محمد حول المسرحية وافقت مباشرة، لأنني أحببت فكرة المسرح التفاعلي، لكن في الوقت ذاته الموضوع (وايد يخرّع) كوني قريبة جداً من الجمهور (المسافة صفر)، نضع أعيننا في أعينهم ونكمل تجسيد شخصياتنا بإتقان. أما الأمر الممتع، فهو خروج الجمهور مستمتعاً من العرض وهو يشعر بأنه قد خرج من زوارة العائلة بسبب التواصل المباشر».
«تراثي بطابع موسيقي فني»
بدوره، قال المشرف الفني الفنان يوسف الحشاش: «(اليلوة) عمل مسرحي رائع به كمية كبيرة من المتعة، تقبله الجمهور بصورة جميلة ولامس قلوبهم، كونه قدّم وطرح قضية جميلة تتوافق حتى مع زمننا الحالي، خصوصاً أنه عمل تراثي في طابع موسيقي وفني. والحمد لله اليوم وصلنا لأكثر من 120 عرضاً، ونحن مستمرون في تقديم عروضنا كل نهاية أسبوع، وسنبقى نقدم هذا الإبداع طالما الجمهور مستمتع معنا».
«جميلة وجديدة»
أعربت الفنانة شهد خسروه، عن سعادتها بهذه التجربة التي وصفتها بالجميلة والجديدة عليها في آن واحد.
وأضافت «هي المرة الأولى التي أقدم فيها هذا النوع من المسرح الجماهيري. لكن بما أنني خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية، فلم أجد صعوبة في أن يكون المسرح تفاعلياً، بل على العكس لمست حب الجمهور للتجربة، وتفاعلهم الكبير مع كل مشهد نقدمه».
«تجربة مرعبة»
قال الفنان خالد الديحاني، «لقد توقعت النجاح الكبير، وهو ليس بالغريب على بوراشد، لكنني على الصعيد الشخصي كنت متخوفاً خلال مرحلة الاستعداد (وايد تجربة مرعبة)، فهذه المرة الأولى التي أنضم لفريق العمل، وأقف أمام نجوم لهم اسمهم وموقعهم في الساحة الفنية، وأعتبر الجديد في هذا المجال».
فريق عمل «اليلوة»
- قصة وإخراج: محمد راشد الحملي
- تأليف: هيا أحمد
- بطولة: محمد راشد الحملي (شيخ الدين، قارئة الفنجان، الطبيب، سعود)، أحلام حسن (شخصية موضي)، سماح (شخصية عواطف)، شهد خسروه (شخصية دانة)، خالد الديحاني (شخصية فهد)، وبمشاركة الفنانة أمنة عبدالله التي أدّت مجموعة من الأغاني.
- توزيع موسيقي: عبدالله العماني
- إشراف فني: يوسف الحشاش
- مخرج مساعد: مي التميمي
- رئيس فريق المخرجين: فاطمة العازمي