من الخميس إلى الخميس

الشمس مهما غابت... تعود

تصغير
تكبير

في زاوية الشرق العربي، يقف وطنان يحملان في طياتهما وجع السنين وعبق الحضارات: سوريا ولبنان.

وعلى الرغم مما شهده البلدان من أزمات متلاحقة، سياسية واقتصادية وإنسانية، لاتزال جذوة الأمل متّقدة في قلوب شعبيهما، ترفض أن تنطفئ.

لقد عاش السوريون واللبنانيون خلال العقود الأخيرة صدمات عميقة: من حكم لم يرحم شعبه في سوريا، إلى تدخلات خارجية حزبية وطائفية في لبنان، تبع ذلك انهيار اقتصادي ألقى بثقله على كاهل الناس، تراجعت كل مؤشرات التنمية في دمشق وبيروت، أما في المدن والبلدات والقرى فقد شبع الناس شعارات وأكاذيب لم تعد ذات جدوى في إسكاتهم.

ورغم كل ذلك، لم يفقد الناس هناك الأمل، ولم يتنازلوا عن حلمهم بوطن يحتضنهم بسلام وعدالة، ففي سوريا، ورغم صعوبة الواقع، بدأت بعض ملامح الحياة تعود؛ مشاريع صغيرة تنمو، شباب يتجه إلى التعليم الرقمي، مبادرات مدنية تعيد ترميم الشوارع وقبلها ترميم النفوس التي مازالت تعيش أحقاد الماضي . هناك جيل جديد يريد أن يتكلم بلغة البناء لا الشعارات، بلغة الحب لا الحقد.

أما في لبنان، فوسط الانهيار الاقتصادي والتدخلات الخارجية، تظهر بين الحين والآخر محاولات للنهوض؛ محاولات لإعادة قواعد الدولة وحقها الذي تم سلبه ومقابل جهد الحكومة الجديدة المخلصة ترى شباب لبنان وهم يتحركون لبث روح الأمل، من الإغاثة إلى الحملات البيئية، هناك اليوم فئة لاتزال تؤمن أن لبنان ليس محكوماً بالفشل، بل قابل للنجاة إذا توفر القرار والإرادة.

في كلا البلدين، بات واضحاً أن الشباب هم الرصيد الحقيقي للتغيير، هم الذين رفضوا الانجرار خلف الطائفية والانقسام، وبدأوا يتحدثون بلغة المواطنة، والعدالة الاجتماعية، والعمل المنتج. ففي الجامعات، والورش، وحتى في الشتات، تجد عقولاً شابة تشتغل على ابتكار الحلول، لا ترديد الشكاوى.

لا أحد يملك عصاً سحرية، ولا يمكن التغافل عن حجم الدمار والتشظي؛ لكن الأمل لا يعني إنكار الواقع، بل الرغبة في تغييره. وسوريا ولبنان، بكل ما يحملانه من ثقل الماضي، يمتلكان في الوقت نفسه إمكانات ثقافية، بشرية، وتاريخية، تسمح لهما بإعادة بناء ذاتيهما متى تهيأت الفرصة.

والفرصة لا تصنعها المصادفة، بل تصنعها العقول المخلصة، والسياسات العاقلة، والناس التي لم تفقد إيمانها بأن بلادها تستحق الأفضل.

فالشمس، مهما غابت، تعود.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي