صوت القلم

«السنع» صفة طيبة لا بد أن تدوم

تصغير
تكبير

أستاذنا ودكتورنا الكبير المؤرخ يعقوب يوسف الغنيم، كتب مقالاً جميلاً عن «السنع»، ويصفه دكتورنا الفاضل بأنه «لفظ يدل على حرص المرء على الانتظام في حياته، وعلى أن يكون سائراً على الطريق السوي في تعامله مع الغير، وأن يؤدي كل ما يرغب في أدائه بإتقان تام».

ونحن نقول في لهجتنا: فلان سنع، بمعنى أنه حريص على أن يضع كل شيء في موضعه المناسب، في ترتيب ملائم، وهو إذا تحدث إلى غيره من الناس جاء حديثه لائقاً، دالاً على تقديره لمستمعيه، وعلى احترامه لمقامهم، فلا ينطق بألفاظ تجلب الضيق لهم بسبب خروجه عن الذوق السليم في المحادثة.

ومن أجل ذلك، فإننا نقول عن أي شيء تم فعله على صفة منتظمة لا اضطراب فيها: هذا هو السنع. ونقول للرجل: إنه رجل سنع لا يعرف إلا السنع، والمرأة سنعة.

ويذكر الدكتور أن السنع في اللهجة الكويتية هو انتظام الأعمال، وسيرها سيراً حسناً لا يدركه مكدر، ولا ينتقده منتقد.

ويأسف ويتألم دكتورنا على حال بعضنا هذه الايام ممن يتخلى عن هذه الصفة الكريمة، ويتجه إلى الاتصاف بعادات وأخلاق بعيدة عن كل ما كان يتمتع به السابقون من أبناء وطننا الذين وصفهم الشيخ يوسف بن عيسى القناعي في كتابه «صفحات من تاريخ الكويت» الصادر في سنة 1946، فقال بعد أن ذكر أن بلاد الدنيا لا تخلو من الطيبين: «إلا أن الكويتيين نسبة لحالتهم المالية، وقلة عددهم، يفوقون غيرهم».

وإليك بعضاً من مناقبهم الجلية:

- التآلف والتوادد في ما بينهم فكأنهم بيت واحد وإن اختلف الجنس والنسب.

- لا يجري بينهم تقاتل ولا تضارب، وإذا جرى شيء من بعض السفهاء، يتوسط خيارهم ويُزال الخلاف.

- مساعدات بعضهم لبعض متواصلة، للمنكوبين والمعوزين من الفقراء واليتامى والمساكين وأبناء السبيل، وتجد المساعدات لهؤلاء البائسين لا تنقطع يومياً.

- إكرام الضيف، والأجنبي إذا نزل بساحتهم لا يعد إلا كواحد منهم.

- منازلهم في رمضان مفتوحة لإفطار الصائمين من الفقراء والمساكين.

- لا تجد في الكويتي كِبراً ولا يحتقر الناس مهما كانت منزلته من الرفعة.

- جميع الأعمال الخيرية يعملونها بتكتم ولا يحبون أن يطلع عليها أحد ولا يتباهون ولا يتفاخرون بهذه الأعمال، بل تنسى كأن لم تكن.

هذه المقالة السنعة التي تُشبه عنوانها، أثارت وحركت قلمي وفكري لأقتبس منها بعد أن أستأذن من صاحبها دكتورنا الكبير، محاولاً إسقاط بعض من الأمور السنعة عليها، التي لا بد أن يتحلى بها كل من يعيش على هذه الأرض الطيبة...

ولكي نكون «سنعين» يجب أن نلتزم بكل فعل خير على سبيل المثال، الالتزام بالقوانين التي تضعها الدولة مثل الالتزام بقانون المرور كربط حزام الأمان وعدم استخدام الهاتف أثناء القيادة تجنباً لحوادث غير متوقعة لا سمح الله، وعدم الوقوف في مواقف ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن، وتعزيز الوحدة الوطنية وعدم الالتفات للأسماء الوهمية في وسائل التواصل الاجتماعي التي تبث الفرقة والشائعات، واحترام الجار وعدم إيذائه ومضايقته، وعدم مضايقة المارة بوضع عراقيل أمام منزلك تحجب الرؤية أو تشوه المنظر العام، والأدب والاحترام عند الحديث مع الأكبر سناً وعلماً، ونشر الإيجابيات وتسليط الضوء عليها وإبرازها، وعمل الخير والتصدق على المحتاج، والمحافظة على الصلاة والاحتشام في اللبس وعدم الإسراف والتبذير، وغيرها الكثير من الأفعال السنعة التي تدل على حُسن إسلامك وتربيتك وخُلقك.

فكم أتمنى أن نحاول جاهدين الاقتداء بالرجل السنع والمرأة السنعة اللذين يحافظان على العادات والتقاليد الطيبة التي ورثناها من آبائنا وأجدادنا، والله من وراء القصد.

@mesferalnais

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي