عن المادة 153... بعد طي صفحتها

تصغير
تكبير

كانت المادة 153، من قانون الجزاء الكويتي، والتي ظلت سارية لعقود طويلة، تمنح تخفيفاً غير مبرر لعقوبة القتل في حالات «الشرف»، حيث تنص المادة على:

«من فاجأ زوجته أو ابنته أو أخته أو أمه في حالة تلبّس بالزنا فقتلها في الحال، أو قتل من يزني بها، يُعاقب بغرامة مالية أو بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، بدلاً من العقوبة المعتادة للقتل العمد».

في 16 مارس 2025، أتى المرسوم بقانون رقم (9) لسنة 2025، ليعلن رسمياً إلغاء هذه المادة، وهو قرار طال انتظاره من قِبل الحقوقيين والمجتمع المدني، الذين ناضلوا طويلاً لإنهاء هذه الثغرة القانونية التي كانت تشرعن القتل باسم «الشرف».

لقد استُغلّت هذه المادة كذريعة لسفك دماء كثيرة لم يكن لها أي مبرر، تحت مظلة مفاهيم اجتماعية ضيقة تستهدف النساء،. لكن الحقيقة أن هذه المادة كانت عاراً إنسانياً على من استباح حياة الآخرين، ولم تكن أبداً حقاً أو عدلاً.

القتل جريمة مطلقة لا تُبرر، ولا يُعفى مرتكبها بناءً على دوافع شخصية أو عادات أو تقاليد. والأدهى أن المادة 153، أُسيء تفسيرها واستخدمت في بعض الأحيان كغطاء لجرائم قتل مخططة بعيدة عن الغضب أو المفاجأة.

من الناحية الدينية، يرفض الإسلام هذا التبرير، فقد جاءت الشريعة الإسلامية رحيمة وعادلة، وشددت على شروط صارمة جداً لإثبات الزنا، بهدف حماية كرامة الإنسان ومنع الظلم والافتراءات.

قال تعالى: «والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة...» (سورة النور: 4)

هذا التشديد الإلهي ليس تضييقاً، بل حماية للكرامة، وردعاً لأي اعتداء على الأعراض والدماء. فكيف يُعقل أن يُقتل إنسان لمجرد «الاشتباه» أو «المفاجأة»؟ الإسلام لم يمنح أحداً الحق في القتل باسم الشرف، بل جعل ذلك من اختصاص القضاء وبالأدلة القطعية فقط.

إلغاء المادة 153، هو انتصار مهم للعدالة والكرامة الإنسانية، وخطوة تعكس تطور المجتمع الكويتي نحو احترام حقوق الإنسان وحق المرأة في الحياة والسلامة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي