ربيع الكلمات

العنوسة... المشكلة والحل!

تصغير
تكبير

تُعدّ العنوسة قضية اجتماعية معقدة لا تقتصر على دولة دون أخرى، إلا أنها باتت تُثير قلقاً متزايداً في المجتمع الكويتي، خصوصاً في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي طرأت على البلاد في السنوات الأخيرة، وهي ظاهرة قد تكون موجودة في أغلب المجتمعات، لكن عدم مناقشة الأسباب وإيجاد الحلول لها هنا تكمُن المشكلة.

وهي قضية ظلم البنت حتى تتحول إلى عانس بعد ان فاتها قطار الزواج لأسباب قد تكون وجيهة... ولكن أكثر الأسباب واهية مع كل أسف، خصوصاً بعد أن زادت الأعداد بشكل كبير خلال السنوات الماضية في المجتمعات العربية وبعض الدول نسب العنوسة فيها صادمة، وهناك العديد من الرسائل التي تصل لنساء متضررات من العنوسة.

وهناك مجموعات تتبنى العنوسة كخيار وتدعو له، وأهم الأسباب التي ساهمت في هذا التحوّل لديها هو شعور العديد من النساء بالاكتفاء الذاتي، نتيجة توفر الوظيفة، وأصبحت الحياة المستقلة أكثر سهولة، وكل ما يردنه متاح من دون عناء، والقدرة على تحقيق الاستقرار المادي من دون الحاجة إلى شريك حياة.

وزادت نسب العنوسة عندما تركنا العمل بالهدي النبوي الشريف الذي يقول «إذا جاءكم مَنْ ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»، وتمسكنا بعادات وتقاليد بل وقدمناها في كثير من الأحيان على وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم.

وإذا كانت دخول أغلب الشباب بالكاد تكفي لبناء أسرة بسبب ارتفاع المصاريف، نأتي ونطلب مبالغ يعجز عنها وعن دفعها إلا من خلال القروض، ووضع العراقيل والشروط التعجيزية أمامه، فهذا بالطبع سيؤدي لعزوف الشباب عن الزواج، والبحث عن طرق أخرى منها الزواج من الأجنبيات.

وقد يكون تعدد الزوجات هو أحد المخارج لهذه المشكلة، وإن كانت هناك معارضة من البعض مع الأسف، ولكن هذا شرع الله تعالى.

وهناك أسباب كثيرة ساعدت على زيادة الأرقام بشكل كبير خلال السنوات الفائتة، مثل الظروف الاقتصادية وارتفاع تكاليف الزواج بشكل مبالغ فيه.

ولعل الحفلات والهدايا التي تسبق الزواج يزيد سعرها على المهر المقدم، والبعض من محدودي الدخل ولكن يكلف نفسه فوق طاقتها لدرجة أنهم يسافرون لدول أوروبية من أجل تجهيز العروس مما فاقم التكاليف، وهو ما يجعل الكثير من الشباب يعزفون عن الزواج أو يؤجلونه.

ولعل وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في زيادة هذه الظاهرة، حيث تشاهد الفتيات حياة المشاهير من الصرف والبذخ، ويعتقدن أن هذه هي الحياة الطبيعية، مما يسبّب ضغطاً مجتمعياً يتمثل في شروط معينة للزواج مثل الرفاهية أو المستوى التعليمي أو الوضع المالي، ما يحد من فرص التوافق بين الطرفين.

وحتى نعالج مشكلة العنوسة، فهناك العديد من الحلول والدور يشترك فيه الجميع الأسرة والمجتمع ووسائل الإعلام، فمن الحلول الاقتصادية تخفيض المهور وتيسير متطلبات الزواج، ودعم الشباب المقبلين على الزواج، وتوفير سكن مناسب وإيجاد حل لطوابير الانتظار لبيت الأحلام.

ومن الحلول الاجتماعية، التوعية عبر الإعلام والمؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام أن الزواج شراكة وليس صفقة، وتقديم استشارات نفسية واجتماعية للمقبلين على الزواج وتقديم الدورات لهم. ودور الأسرة في تشجيع الأبناء على الزواج المبكر إذا توافرت القدرة. واحترام خيارات الأبناء وعدم التسبّب في تأخير زواجهم بسبب الطموحات أو التوقعات الزائدة.

ومن الحلول الدينية، نشر الوعي بأهمية الزواج في الإسلام كوسيلة للعفاف والاستقرار، والتركيز على الكفاءة في الدين والخلق بدل المال والمكانة.

يقول الأديب علي الطنطاوي «يا أيها الشباب عجلوا بالزواج فإنكم لا تطيعون الله بعد إتيان الفرائض وترك المحرمات بأفضل من الزواج، يا أرباب الأقلام، ويا أصحاب المنابر، اجعلوا الزواج من أول ما تعملون له وتسعون لتيسيره، والله يوفقكم ويجزل ثوابها».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي