«الطنطل» و«حمارة القايلة» الأكثر رواجاً في السابق
هكذا تعامل أهل الفن... مع الشخوص المرعبة في الحكايات الشعبية!












«الطنطل»، «السعلوة» و«حمارة القايلة»...
مُسميات مرعبة، مستوحاة من الحكايات الشعبية، إذ كانت بعض الأمهات قديماً يحكينَ هذه الخرافات لأبنائهن لإخافتهم من مغبة اللعب خارج البيت «حزّة القايلة»...
ولربما الأجيال الحالية لم تكابد، معاناة الأجيال القديمة مع هذه الخرافات التي كانت تُثير الذعر في نفوس البعض من الأولاد الصغار، في حين أن البعض الآخر كان أذكى من أن تنطلي عليه مثل هذه الخدع، التي لم تُثنه عن اللعب في «السكيك»!
وفي كلتا الحالتين، لايزال الجميع يتذكّر تلك الأساطير الشعبية - بحنين جارف - إلى طفولة عاشوها ببراءة وعفوية، مستندين إلى «Story» الأمهات، لا مواقع «السوشيال ميديا».
«الراي» استطلعت آراء عدد من الفنانين والإعلاميين، ممن لم يكونوا بمنأى عن تلك القصص المخيفة، فخرجت بهذه المحصلة.
جاسم النبهان: موقف مرعب في «الخويسات»
استذكر الفنان القدير جاسم النبهان بعض المواقف التي حدثت معه «أيام الكشّافة»، قائلاً: «يطري علينا الكثير من المواقف التي مرّت في مراحل حياتنا، ولاتزال راسخة في الأذهان، ومنها فترة مشاركتي في (الكشّافة)».
وأكمل بالقول: «فأثناء وجودنا في المعسكر الكشفي كُنّا تقريباً 6 شباب (مخيمين) في منطقة الخويسات، ثُم التحق بنا اثنان آخران من الشباب، وصلا إلينا مع غروب الشمس. في تلك اللحظة خُيّل لنا وجود كلب (أعزكم الله) مقطوع الرأس، بالقرب من مخيمنا، الأمر الذي أثار حالة من الرعب في المكان».
واستدرك قائلاً: «لكننا وبعد التوكّل على الله، قرّرت وصديقي الاقتراب منه، فكانت الصدمة أن الشيء الذي خشيناه ما هو إلا (كيس اسمنت) مُتشكّل بفعل الرياح على شكل كلب بلا رأس. وهنا انقلب الوضع من خوف وهلع إلى نوبة من الضحك».
وأشار النبهان إلى أن الكشافة ذات أهداف وقيم سامية، لكونها تشجّع على العمل التطوعي في خدمة المجتمع، وتدفع الأطفال والناشئة إلى تحمّل الصعاب بكل مسؤولية، وكذلك تعزّز الولاء والانتماء والروح الوطنية في نفوسهم.
أمل عبدالله: كانوا يهددوننا بـ «حمارة القايلة»
اعتبرت الإعلامية القديرة أمل عبدالله أن الحياة البدائية كانت مليئة بالخرافات والقصص الخيالية المبالغ فيها، والتي لا تستند إلى واقع.
ولفتت إلى أن ظهور مثل تلك الحكايات المخيفة سببها الجهل المستشري في الأزمنة القديمة، إذ كان تخويف الأبناء من قِبل الأهل لغرض السيطرة عليهم أمراً متفشياً في معظم المجتمعات.
وتابعت بالقول: «في مجتمعنا قديماً كان الأهل إذا أرادوا إخافة أبنائهم من شيء يقولون لهم جاءتكم (السعلوة) أو جاءكم (الطنطل) أوغيرهما من أساطير الرعب المعروفة، فكل هذه المبالغات تترسخ في ذهن الطفل إلى أن يتكوّن في مخيلته شيء من الخوف غير المبرر».
وذكرت عبدالله أن هناك العديد من المؤلفات والقصص التي تناولت مثل هذه الحكايات، و«لو رجعنا إلى كتب (ألف ليلة وليلة) لوجدناها مليئة بالحكايات المبالغ فيها».
وعن المواقف التي حدثت معها شخصياً، قالت: «عندما كنا صغاراً، كنت مع البنات ألعب (بروي وعروسة) في السكة، وكان الأهل يهددوننا دوماً بـ (حمارة القايلة) لكي يردعونا عن اللعب في الخارج، حتى ارتبطت في ذهني تلك المرأة الهزيلة (العصلة) وتكسر (ريولها) بأيديها من شدة ضعفها، كما كانوا يقولون لنا».
محمد المسباح: كانوا «يخرعونا» بـ «خضرة أم الليف»
استرجع الفنان القدير محمد المسباح، شريط الذكريات قائلاً: «أيام أول كانت مليئة بالمواقف، منها المضحك ومنها المخيف، وهي في كل الأحوال أيام جميلة لا تُنسى». واسترسل قائلاً: «عندما كنا أطفالاً على سجيتنا كان الأهل (يخرعونا) في شخصية وهمية تدعى (خضرة أم الليف) ونحن لا نعلم عنها شيئاً، فكل ما نعرفه أنها تظهر وقت الظهيرة أو (حزة القايلة)».
وأضاف «ولأننا نسكن في فيلكا غالباً ما نجلس على البحر، فكان الأهل ومن شدة خوفهم علينا يخرعونا أيضاً، بقولهم: (الحين بيجيكم بوصولمة ويغرقكم)، ولكن عندما كبرنا أدركنا أن كل تلك الشخصيات ليس لها وجود في الواقع وهي من وحي الخرافة».
عبدالعزيز المسلم: كانت لحمايتنا وليست لإخافتنا
قال الفنان الدكتور عبدالعزيز المسلم إن القصة الشعبية قديماً لم تكن مجرد وسيلة للتسلية أو الترفيه، بل كانت أداة تربوية تستخدم لترسيخ النظام داخل البيت، وفرض نوع من «الهيبة» على الطفل. وأكمل بالقول: «القصص التي كانت تُروَى لنا من الجدة أو من بنات الخالة الكبار لم تكن فقط لإخافتنا، بل لحمايتنا من الخطر الحقيقي».
وضرب المسلم مثلاً بـ «حمارة القايلة»، مؤكداً أن هذه الحكاية لم يَعش زمنها فعلياً، لكنه سمع عنها كثيراً. «فالقصة كانت تروى للأطفال كي لا يخرجوا وقت القيلولة، حفاظاً عليهم من حرارة الشمس، وأيضاً من الأمراض التي كانت تعرف حينها بـ (حمى القايلة)، وهي نوع من ضربة الشمس، فالقصة هنا ظاهرها خوف، لكن باطنها حماية وتنظيم سلوك».
ومضى المسلم «بالنسبة إليّ شخصياً، فالحقيقة أنه لم تروَ لي الكثير من القصص في طفولتي، لأنني كنت مشغولاً بالتمثيل منذ سن مبكرة جداً وتحديداً في الرابعة من عمري، وكنت دائماً في الاستوديوهات».
وزاد «الغريب أنني لم أكن أستمع إلى القصص، بل أنا من كان يرويها، إذ كنت أجمع الأطفال والكبار، وأحكي لهم عن المسلسلات والأعمال التي أشارك في بطولتها».
طارق العلي: محاولات أمي لم تنجح لإخافتي
أكد الفنان الدكتور طارق العلي أن والدته لم تنجح في إخافته من «حمارة القايلة»، رغم كل المحاولات التي قامت بها.
واستطرد قائلاً: «في عزّ القايلة كانت أمي تقول لي: (ترى حمارة القايلة تطلع لك وتاخذك)، والمفروض أنها تخيفني بهذه الخرافة، ولكنني كنت على العكس تماماً، أضحك وأخرج من دون خوف، إلى حد قولها: (لا حمارة القايلة ولا حتى حمارة العصر نافعة معاك)».
وأوضح العلي أن محاولات التخويف كانت مستمرة من طرف الوالدة، إذ كانت تصف لنا حمارة القايلة على أنها تتشكّل بهيئة امرأة هزيلة وقدميها كذا، ويدها كذا، وشكلها كذا، لتجعل فينا نوع من الرهبة، و«مع ذلك كنا نخرج من بعد الظهر ولا نعود إلى (حزة المغرب)، غير أن الأمر لا يخلو من بعض التوبيخ أو الصفع إن تأخرنا أكثر».