حروف نيرة

أعيش في عالم جديد

تصغير
تكبير

مع انتشار مواقع سوشيال ميديا؛ تويتر، انستغرام، فيس بوك، سناب شات وغيرها، انفصل كثير من الشباب عن الواقع بشكل تام، تلك المواقع الإلكترونية باتت كالصديق الوحيد والمنقذ في أوقات الملل أو الفراغ، يشعرون أن شيئاً ما ينقصهم إن مرّ يوم دون تنقلٍ بين المواقع، يقول أحدهم: أضع صوري الشخصية على موقع، وموقع آخر أدوّن فيه أفكاري، وواحد للدردشة مع الناس، وآخر أعرض فيه خطواتي اليومية بالصور والفيديوهات، وهكذا أصبحت أقضي معظم وقتي تنقلاً بين موقع وآخر، وأصبحت أعيش في عالم جديد.

صارت السوشيال ميديا، أو مواقع التواصل نوعاً من الإدمان الذي دمر حياة الشباب، حتى الأطفال، وسرقت من وقت الكبار؛ فإنها مواقع صُنعت كوسيلة للتثقيف والبحث العلمي، أو بحوث أخرى، والترفيه والتعارف بضوابط، إلا أن من أدمنوا ذلك، يقتطعون ساعات كثيرة في أمور تسرق من أوقات العمل والدراسة، وفيها انقطاع عن الأسرة وإهمال لحاجات البيت، يجلس الشخص بالساعات منعزلاً عن حياته الأسرية، ينفصل عن كل من حوله، يقل حديثه مع أفراد الأسرة ولا يهتم لأمورهم؛ وإذا جلست معه مقدار ساعة فقط، تراه يمسك الهاتف ويصعب عليه تركه، ولا يتحدث مع من حوله، وإن تحدث فالغالب على كلامه ما قرأ من تغريدات وتعليقات المتابعين؛ فإنها تشغل فكره ولا يكون في عقله إلا تصفح تلك المواقع، حتى أثناء قيادة السيارة، لا يهتم للطريق لانشغاله بالتصوير من أجل رفع الصور على الحسابات.

من أشد أضرار متابعة المواقع وأصحابها؛ الأرق، وفقدان التركيز، والتأثير على الدماغ، وعلى العيون، وللأضرار النفسية النصيب الأكبر؛ يشير العديد من أطباء النفس إلى أن إدمان السوشيال ميديا أصبح شبيهاً بالإدمان على المخدرات، وصارت في الدول الأوروبية مراكز مخصصة لعلاج هذا الإدمان، وأن علاجه أصعب من علاج الإدمان على المخدرات.

من يقترب من هذا العالم لا يستطيع الإفلات منه بسهولة، وللأسف كثير من المستخدمين لا يشعرون أنهم وصلوا إلى درجة إدمانه، التي تسببت في تدهور حياتهم الشخصية حتى من الناحية الأخلاقية.

التخلص من تلك الحالة السلبية، والابتعاد عن هذا الجو يبدأ برغبته الحقيقية في ذلك، ويحتاج الفرد إلى من يشجعه ويتقرب إليه ويتابعه بصورة لطيفة وأقربهم الأهل.

وعلى الشخص تغيير نمط حياته، والبحث عن البديل، وطرق إيجابية تقضي على الملل والفراغ؛ كالتواصل مع الصحبة الصالحة، أو حضور دورات في هوايات يحبها، أو اشتراك في نوادٍ صحية، وإن كان يملك فنوناً؛ كفن الطبخ أو الرسم فإنه يعمل دورات تعليمية، أو يقوم بعمل أنشطة كان يطمح إليها بصورة رسمية، فيعملها اليوم بصورة أنشطة مفتوحة، حتى لو كانت بصورة مجانية أو مبالغ مناسبة؛ فالأهم هو الراحة النفسية والذهنية والاجتماعية، وهذه حقيقة قام بها كثيرون وصار عالم السوشيال ميديا بالنسبة لهم جانباً معتدلاً، وصار مكسباً لما فيه من مواقع إيجابية.

aaalsenan @

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي