لجنة حقوق الإنسان الدولية، معنية بحقوقه، أينما كان موقعه في العالم، باعتبارها هيئة تتألف من خبراء مستقلين وترصد تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من قبل الدول الأطراف، وتسعى اللجنة في عملها إلى تعزيز تمتع الجميع بالحقوق المدنية والسياسية، ما يؤدي إلى تغييرات عديدة في القانون والسياسة والممارسة، وبالتالي تواصل اللجنة بذل جهودها الحثيثة لضمان تمتع الجميع بالحقوق كافة التي يكفلها العهد الدولي تمتعاً كاملاً وبعيداً عن أي تمييز.
فقبل فترة وجيزة اعتمد مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في جنيف تقرير دولة الكويت الوطني الرابع، والذي أكدت فيه على تعزيز منظومتها الوطنية لحماية حقوق الإنسان عبر إصلاحات تشريعية ومؤسسية وميدانية شاملة، وأكدت أيضاً حرصها المتواصل على تطوير الإطار القانوني بما يتماشى مع المعايير الدولية في إطار آلية الاستعراض الدوري الشامل.
فاستعرض الوفد الكويتي أبرز الانجازات على المستويات التشريعية والمؤسسية والميدانية وإقرار سلسلة من الإصلاحات القانونية الجديدة، وكان من بينها قوانين تشريعية عدة من ضمنها المرسوم بقانون القاضي بتعديل نص المادة 26 من قانون الأحوال الشخصية الخاص برفع سن الزواج إلى سن 18 عاماً، أي منع توثيق عقد الزواج أو المصادقة عليه لمن لم يبلغ من العمر 18 عاماً بوقت التوثيق.
وقد أشاد بهذا القانون الجديد مندوب بريطانيا في مجلس حقوق الإنسان، وقال نشيد برفع سن الزواج إلى 18 عاما في ما سبق لبريطانيا ان رفعت سن الزواج إلى 18 عاماً رسمياً وتجرم زواج من هم دون ذلك، وحصل القانون على الموافقة الملكية العام الماضي.
إذاً، اليوم أقرت الحكومة تعديلاً جديداً على قانون الأحوال الشخصية يقضي برفع سن الزواج من 15 عاما إلى 18 عاماً وذلك بموجب مرسوم رسمي نشر في الجريدة الرسمية، والمذكرة الإيضاحية للمرسوم، أوضحت أن التعديل يأتي استناداً إلى دستور دولة الكويت الذي يؤكد حماية الأسرة والأمومة والطفولة، وبما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وكذلك يراعي التزامات الكويت الدولية لاسيما اتفاقية حقوق الطفل التي تعرف الطفل بمن لم يتجاوز الثامنة عشرة، وتلزم الدول بحمايته من الزواج المبكر، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي تضمن الموافقة الحرة والكاملة للزوجين وتشجّع على تحديد سن أدنى للزواج، في حين أثار قرار الحكومة برفع سن الزواج إلى 18 عاماً جدلاً منطقياً بين مؤيديه، إذ يرونه خطوة نحو الأفضل لأنها تحمي الأطفال من المشكلات، إلا أن معارضيه يعتبرونه مخالفاً للعادات والتقاليد الاجتماعية.
وفي هذا الصدد صرّح وزير العدل ناصر السميط، في وقت سابق بأن هذا المرسوم بقانون قد جاء استجابة لمعدلات الزواج المبكر المرتفعة بين الفتيات، حيث إن هناك زيادة ملحوظة في نسب طلاق القصّر.
وفي التقدير، يرجع السبب الى عدم نضج الاثنين لمرحلة الزواج ومسؤولياته، وبالتالي تكثر المشاكل الأسرية بين الزوجين حتى تنتهي بالطلاق البائن، وبالتالي استندت الحكومة في قرارها الذي جاء بمرسوم إلى فتوى وزارة الشؤون الإسلامية الذي أكدت فيه أن رفع سن الزواج الى 18 عاما للاثنين لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
كما أظهرت البيانات الرسمية في الكويت أن معدلات طلاق القصّر تعادل ضعف معدلات الطلاق بين البالغين وهو ما يعكس تحديات الزواج المبكر ومدى سلبياته طوال السنوات الماضية.
وفي موازاة ذلك، أكد وزير العدل، السميط، بأن هذا التعديل يهدف إلى ضمان نضج الزوجين عاطفياً واجتماعياً قبل الزواج ما يمكنهما من تحمّل مسؤوليات الحياة الزوجية بشكل أفضل والمساهمة في بناء أسرة مستقرة ومستدامة.
إنّ المرسوم بقانون الخاص برفع سن الزواج له ردود فعل متباينة، وهذا أمر وارد ولكنها خطوة إيجابية جريئة في الاتجاه الصحيح، وبالتالي فإن تعديل قانون الأحوال الشخصية قد حمي القصّر من الزواج المبكر الذي يتم غالباً وفق العادات والتقاليد ووفق الضغوط العائلية بين فئات المجتمع الكويتي ولا يعيرون انعكاساته المستقبلية، وبالتالي أصبح التعديل جازماً لمواكبة سبل التطورات في نهج حقوق الإنسان وواجباته ومواكبة التطورات العالمية، لاسيما ونحن نلاحظ مسلك العدد من الدول العربية والإسلامية التي أقرت مثل هذا التعديل في الآونة الأخيرة، وذلك لحماية الفتيات من الزواج القسري، فالاحصائيات الرسمية الصادرة من وزارة العدل تفيد بارتفاع نسبة معدلات الطلاق بين القاصرات بشكل لافت الأنظار في الكويت وهو ما يؤكد على ضرورة وصول الأزواج الشباب الى مرحلة النضج الكامل عند العزم على الزواج.
وفي ضوء ما سبق من مؤشرات علينا الإقرار على أن التعديل على قانون الأحوال الشخصية الخاص برفع سن الزواج إلى 18 عاماً بأنه يعزّز الاستقرار الأُسري بين الأزواج وأنه يمنع تفاقم قضايا الطلاق في المحاكم وبالتالي يصب في المصلحة العامة.
ولكل حادثٍ حديث،،،