أحسبُ أن عدد الواعين في تزايد، لقد كنا في زمن اللاوعي وأصبحنا اليوم في زمن بداية كشف الغطاء، هذا الوعي سيُنهي حقبة الاستغفال الذي عاشته أمتنا، طغاة ارتدوا ثياب تحرير فلسطين وحكموا شعوبهم بالنار، بل إن أحدهم باسم تحرير فلسطين احتل بلداً عربياً آخر ودمّره.
شعارات رُفعت، وأتباعٌ تم تجنيدهم وأموال أُنفِقت لشراء الذمم، كل ذلك من أجل تمزيق الأمة، نشروا الطائفية وباسمها صنعوا ولاءات من خارج أوطانهم حتى سمعناهم يتفاخرون بالقتال ضد أوطانهم، سعوا إلى تمزيق المحبة بين شعوب العرب، واستغلوا مواقع التواصل الاجتماعي لعمل عشرات الآلاف من المواقع الوهمية التي تعمل ليل نهار لتأليف الأكاذيب ونشر الشعارات من أجل الكراهية بين أبناء الأمة الواحدة، حققوا تباعُداً ما كانت قادرة على تحقيقه المعارك والحروب.
في زمن اللاوعي أصبحت الشعارات هي وقود الشعوب وغدت المعلومة الموجهة سحابة الناس تُمطر عليهم وتغذيهم بكل ما تريد من إشاعات وأكاذيب وصور وحتى أفلام مركّبة، كل ذلك بهدف تزويد التابعين بوجباتهم اليومية وحاجاتهم النفسية من أجل استمرار اللاوعي عندهم، ذلك اللاوعي الذي دمّر بلداناً بأكملها فقسّمها أو احتلها بالطائفية أو بالشعارات.
ذاك الظلام الدامس أوشكت أن تمحوه شمس الوعي، يزداد اليوم من أدركوا أنهم كانوا ضحايا لأحزاب سياسية تبحث عنهم من أجل أن يكونوا سُلّماً لحكمهم الأوطان، كانوا كذلك ضحايا لطائفيين يسحبون من التاريخ ما يُحقق لهم إبقاء التابعين لهم تحت عباءة الاستغفال والجهل وأحياناً العبودية.
بدأنا نرى اليوم شباباً وشابات يسبحون بعيداً عن تسونامي الخرافة والشعارات، نسمع اليوم عمن يبحث عن الحقيقة التي لم يجدها في الإعلام الجديد، غداً عندما يزداد الواعون لن يجد عشرات الآلاف ممن باعوا أنفسهم، لن يجدوا من يغذيهم بالمال بعد أن ذهب تأثيرهم، سوف يكون مسح تلك المواقع الضارة هدفاً سامياً يُحقق أول أهداف أمتنا، التعاون على الخير.
غداً ستتغير المعادلة فمن كانوا مرتزقة وطائفيين سوف يتم مسحهم بالتجاهل ومسح تغريداتهم وعمل إغلاق لمواقعهم، سيَضعُف متابعو أصحاب الفتن، ولن يقرأ الواعون تلك الهجمات بين شعوب أمة واحدة، ومن حيث أرادوا تمزيق الأمة زادت قوة نسيجها.
كنا في معركة خاسرة واليوم يلوح لنا ضياء الفوز بانتشار الوعي والاحتفاظ بعقولنا بعيداً عن أصحاب الأهواء ورؤوس الشياطين، غداً إن شاء الله سيُمحى الباطل ويتوهج الحق، وسوف تمتلئ مراكب النجاة من العقلاء الذين لم يتم استعارة عقولهم أو قلوبهم، سيبقى لأمتنا عقلاؤها ومثقفوها.