جاء شهر رمضان المبارك بالخيرات المادية والمعنوية، حيث تستعد الأُسر في الكويت من مواطنين وضيوفها الذين يشاركوننا الحياة على تلك الأرض الطيبة.
وهنا أود التركيز على عمال المنازل الذين يتعايشون معنا السراء والضراء لكل أسرة طوال العام، بشكل عام وخلال شهر رمضان المبارك بشكل خاص، وبالتالي علينا أن نراعيهم بشهر رمضان المبارك حيث إن تفاصيل العمل اليومي باتت تختلف عن العمل اليومي.
عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال (إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه، فإن لم يجلسه معه، فليناوله لقمة أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين فإنه ولي علاجه) ثم إن إطعام الخادم صدقة كإطعام النفس والزوجة والولد.
وروي عن أنس بن مالك، أنه قال: خدمتُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عشر سنين، والله ما قال لي: أُفّاً قط، ولا قال لي لشيء: لمَ فعلت كذا؟ وهلّا فعلت كذا، إضافة إلى أن الرسول عليه الصلاة والسلام أرشد ابنته فاطمة، إلى الذِّكر عند النوم، مؤكداً لها أنه خير لها من الخادم فأغناها الذِّكر مدة طويلة فكانت تطحن وتكنس البيت وتقوم بواجب البيت كله عند زوجها علي بن أبي طالب، رضي الله عنهما.
وعلى الأسرة الكويتية أن تراعي عمال المنازل سواء كان سائقاً أو عاملة، حيث إنهم لا يجدون الوقت الكافي للراحة أو للعبادة، بينما نجد من يضايقهم بالتعليقات الصارمة القاسية أو أن يطلب منهم بعض الأمور التي يمكن القيام بها.
نعم، إن عمال المنازل باتوا ضمن أفراد الأسرة الكويتية حيث إنهم يقومون بتربية الأطفال مع الوالدين بنسب متفاوتة قد تتفوق على نسبة مشاركة الوالدين، لدرجة أن بعض الأطفال باتوا يكتسبون ثقافة جنسية العاملة وتلك ظاهرة تستحق الدراسة من قبل أهل الاختصاص.
نعم، علينا أن نحسن معاملة عمال المنازل طوال العام سواءً كانوا مسلمين أو غير مسلمين، فما بالك بضرورة طيب المعاملة خلال شهر رمضان المبارك لأنهم يبذلون جهداً مضاعفاً وهم يقومون بمختلف المهام التي اعتادوا عليها بشكل يومي، علماً بأن السائق بمجرد قيامه بتوصيل الأولاد والبنات إلى المدارس والجامعات وسط الزحمة الخانقة صباحاً وظهراً، وكذلك الأمر بالنسبة للعاملات اللواتي يبذلن جهداً مضاعفاً من حيث التنظيف وغسل الملابس وغسل المواعين وربما الطهو استعداداً للفطور والسحور، ناهيك عن الخدمات الأخرى ما بين وجبتي الفطور والسحور من حيث إعداد الشاي والقهوة والحلويات وغيرها من المهام الملقاة على عاتقهن.
ويغضبني بعض الكويتيات اللاتي يعملن على إرهاق العاملة بمختلف الطلبات دون منحها الوقت الكافي للراحة، وتقول منتقدة إياها ماذا تفعل طوال اليوم؟ بينما الأم الكويتية ربما تشعر بالعجز وبالكسل من أن تحضر كوب ماء لنفسها.
وكل مواطن كويتي عاقل يدرك ضرورة المحافظة على العاملة التي لديه لطالما أن القوانين الحديثة باتت مكلفة مادياً ونفسياً من أجل الحصول على خدمات عاملة، خصوصاً أن هناك دولاً اعتادت دولة الكويت إحضار عمال المنازل منها باتت تضع شروطاً مادية ومعنوية قد تكون غير معقولة بالنسبة لإحضارهم، الأمر الذي جعل عملية الحصول على عاملة مناسبة إنما هي عملية شبه مستحيلة.
ولست مبالغاً بضرورة الحفاظ على عمال المنزل بدءاً من حسن المعاملة وتوفير الملابس والأكل، والحرص على تحويل الرواتب إلى بلدانهم مع تحمل تكاليف رسوم التحويل حيث إن المبلغ وإن كان بسيطاً إنما يشكّل ثقلاً مادياً على العمال.
وعلينا أن نتذكر دائماً أن عاملة المنزل إنسانة لها حقوق مثلما عليها بعض الواجبات، وأنها تعمل وفق عقد بشروط واضحة، لكن ما علينا ان نتذكر دائماً أنها تركت زوجها وأولادها وربما طفلاً رضيعاً مع والدتها من أجل توفير اللقمة الحلال لأسرتها، خاصة مع قوة العملة الكويتية. كما ان الإنسانية يجب أن تكون حاضرة في التعامل مع تلك الفئة وكذلك التشريعات الإسلامية ناهيك عن العادات والتقاليد العربية بشكل عام والكويتية بشكل خاص، ويضايقني كثيراً أن أرى من يسيء معاملة من يعملون لديه.
ويجب ألا تبخل الأسرة الكويتية على عاملة المنزل سواءً بالزكاة أو بالصدقة أو بتقديم بعض الهدايا من ملابس ومجوهرات وغيرها من الهدايا تكريماً وعرفاناً بالمحبة والمودة، كون تلك العاملة باتت فرداً من أفراد الأسرة الكويتية، الأمر الذي يترك انطباعاً إيجابياً عن الكويت وأهلها وربما قد يؤدي الأمر الى دخول بعض العمال إلى الإسلام كما حصل مع سائق صديقي الذي ينتمي إلى إحدى الدول في القارة الهندية فما كان منه إلا أن أرسله إلى العمرة على حسابه الخاص.
وبالمقابل إن ديننا الاسلامي الحنيف وعاداتنا وتقاليدنا العربية وثقافتنا الكويتية الأصيلة تحثنا بشكل تلقائي على حسن معاملة العمال، وهناك شواهد كثيرة لبعض الجنسيات التي سبق وان عملت في الكويت بالخمسينات والستينات حيث إنهم كانوا يعملون بالتنظيف وبعض المهام الأخرى صباحاً ثم يطلب منهم رب الأسرة الكويتي أن يذهبوا إلى المدرسة مساء، الأمر الذي جعلهم مؤهلين ليتولوا بعض المناصب القيادية والإدارية في بلدانهم.
همسة:
ارحموا مَن في الأرض يرحمكم مَن في السماء.