دخل علينا شهر رمضان ومضى منه ما يقارب الـ20 يوماً ونحن في أفضل حال من الصيام والعبادة والحمد لله... ولكن هل سألنا أنفسنا: لماذا فضّل الله شهر رمضان عن بقية الشهور؟ وبماذا يتميز شهر رمضان المبارك عن غيره؟! وما هي أحب الأعمال التي يجب على المسلم فعلها في شهر رمضان؟
الحقيقة هناك الكثير من الاسئلة في ذهني عن هذا الشهر الفضيل، ولكن دعونا نطرح الأسئلة الأهم والجواب عنها حتى لا نطيل على القارئ الكريم.
لقد فضل الله شهر رمضان عن بقية الشهور لأن فيه ليلة القدر والتي جعل الله العمل فيها خيراً من العمل في ألف شهر، لذلك فالمحروم من حُرم خيرها وفضلها، فقد قال سبحانه: «ليلة القدر خير من ألف شهر»، وقد روى ابن ماجه، عن أنس، رضي الله عنه، قال: دخل رمضان، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: (إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر، ومن حُرمها فقد حرم الخير كله)، كما يعتبر شهر رمضان من أفضل الشهور عند الله للعديد من الأسباب ومنها: أنه شهر القرآن، وفيه فريضة الصيام وتضاعف فيه الحسنات، وشهر رمضان له فضل كبير على المسلمين وتظهر قيمته في أن الله اختص هذا الشهر الفضيل بنزول القرآن الكريم فيه على سيد الأنام سيدنا وحبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وتعتبر الصدقة والزكاة في شهر رمضان من أبرز مظاهر الشهر المبارك، وذلك لعظم وفضل هذه الأعمال الحسنة، ومضاعفة ثواب القيام بها في هذا الشهر، ففيه تكثر الصدقات إلى جانب أعمال الخير والإحسان.
إن شهر رمضان هو سيد الشهور، وموسم الخيرات والإحسان، ففيه نسائم الرحمة والمغفرة وبشائر العتق من النيران، وفيه تتصفد الشياطين لكي يكون العبد المسلم بعيداً عن وكر الشياطين، ويقول الله سبحانه في محكم تنزيله «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، فمن شهد منكم الشهر فليصمه، ومن كان مريضاً أو على سفر فعدةٌ من أيام أخر، يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون».
وبتفسير هذه الآية تعني أن الله اختص شهر رمضان من بين الشهور لينزل فيه القرآن، فيكون هذا الشهر بمثابة منحة ربانية وفرصه ذهبية للتدبر والتفكر في كتاب الرحمة، فما زالت هذه الأمة تعكف على هذا القرآن قراءة ومدارسة وتدبراً لاسيما في شهر الصيام الذي يصفي القلوب والصدور من شوائب الدنيا وعلائق الشهوات، وقد روي عن ابن مسعود، قال: (مَن أراد خير الأولين والآخرين فليثور القرآن، فإن فيه خير الأولين والآخرين). أخرجه الطبراني.
إن شهر رمضان هو شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، شهر العتق والغفران، شهر الصدقات والإحسان، ففيه تفتح أبواب الجنات وتضاعف فيه الحسنات وتقال فيه العثرات، وهو شهر تجاب فيه الدعوات وترفع فيه الدرجات وتغفر فيه السيئات. نعم نحن اليوم في شهر عظيم مبارك، شهر يجود الله فيه سبحانه على عباده بأنواع الكرامات ويجزل فيه لأوليائه العطيات، وهذا الشهر جعل الله صيامه أحد أركان الإسلام، فصامه نبينا المصطفى محمد -صلى الله عليه وسلم، وأمر الناس بصيامه، وأخبر عليه الصلاة والسلام أن من صامه إيماناً واحتساباً، غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.
وشهر رمضان فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، فاستقبلوه بالفرح والسرور والعزيمة الصادقة على صيامه وقيامه والمسابقة فيه إلى الخيرات والصدقات والمبادرة فيه إلى التوبة النصوح من سائر الذنوب والخطايا والسيئات، والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى البر والخير والأجر العظيم.
وفي صيام رمضان فوائد كثيرة وحكم عظيمة منها تطهير النفس وتهذيبها وتزكيتها، وتطهيرها من الأخلاق السيئة، وتعويدها على الأخلاق الكريمة كالصبر والحلم والجود والكرم ومجاهدة النفس فيما يرضي الله.
ومن فوائد الصوم أيضاً أنه يعرف العبد نفسه، وحاجته وضعفه وفقرة لربه، ويذكره بعظيم نعم الله عليه ويذكره أيضاً بحاجة إخوانه الفقراء فيوجب له ذكر شكر الله سبحانه والاستعانة بنعمه على طاعته، ومواساة إخوانه الفقراء والمحتاجين والإحسان إليهم.
لقد أوضح الله سبحانه أنه كتب علينا الصيام لنتقيه سبحانه، فدل ذلك على أن الصيام وسيلة للتقوى، والتقوى هي طاعة الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- بفعل ما أمر وترك ما نهى عنه، بإخلاص لله عزوجل ومحبة ورغبة ورهبة، وبذلك يتقي العبد عذاب الله وغضبه، فالصيام وسيلة قوية إلى التقوى في بقية شؤون الدين والدنيا... وفي الصوم في رمضان يطهر البدن من الأخلاط الرديئة ويكسبه صحة وقوة، وقد أكد ذلك الكثير من الأطباء وعالجوا به كثيراً من الأمراض، وقد ورد في فضله وفرضيته آيات وأحاديث كثيرة.
على المسلمين اغتنام هذا الشهر الفضيل العظيم وتعظيمه بأنواع العبادات والقربات، فهو شهر عظيم يختلف عن بقياة الشهور لما جعله الله ميدانا للعبادة، يتسابقون فيه بالطاعات ويتنافسون فيه لعمل الخيرات والإكثار فيه من الصلوات والصدقات وقراءة القرآن الكريم والإحسان إلى الفقراء والمساكين والأيتام.
نعم، إننا في شهر رمضان شهر الخير أيها الإخوة المسلمون، فاحذروا ما نهاكم الله عنه ورسوله، واستقيموا على طاعته في هذا الشهر الفضيل وغيره، وتواصوا بذلك وتعاونوا عليه لتفوزوا بالجنة والأجر العظيم، وتنالوا الكرامة والعزة والسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة... وآخر دعوانا «أن الحمد لله رب العالمين»، اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا وقرآننا وطاعتنا واجعلنا من المرحومين والمقبولين ومن عتقائك من النار يا أرحم الراحمين.