قال الله تعالى: «وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا».
الإسراء (36).
إنّ الشعور بالمسؤولية، وتحمّل تكاليف وأعباء ذلك الشعور، من واجباتنا الحياتية اليومية من أجل المستقبل، وفي هذا السياق نجد أن الشريعة أكدت على مبدأين، مبدأ عمومية المسؤولية، ومبدأ ديمومة المسؤولية، أي أن كل واحد من البشر يتحمّل شيئاً من المسؤولية عن شيء ما في الحياة، وهذه المسؤولية مستمرة إلى آخر لحظة وعي من عمره، ونلمس هذا واضحاً في الآية الكريمة السابقة.
مطلوب من كل شخص في المجتمع أن يحرص على أدائه لمهماته المختلفة في الحياة على أمرين: أحدهما الإخلاص، والآخر الصواب، الخالص أن يكون لله تعالى، والصواب أن يكون على السنّة النبوية. لهذا فإن تحري الصواب والحرص عليه يجب أن يكون دأب كل امرئ يريد لعمله القبول، ولنفسه النجاة.
إن كان هذا المطلوب في الحياة اليومية، فالأولى أن يكون في شهر رمضان، الشهر الذي فيه الأجر مضاعف، والحسنة فيه بسبعمئة ضعف. إنّ الخطأ يعني أن يقصد الإنسان بفعله شيئاً، فيصادف فعله غير ما قصده.
إنّ شعور الإنسان بالمسؤولية يتعاظم كلما تحضر وتثقف، وتعلم أكثر، ونلمس هذا جلياً في هذا الشهر العظيم، من تثقف وتعلم ما هي قدسية وعظمة هذا الشهر يستغل كل ثانية ولحظة فيه بالطاعات والعبادات، أما الجاهل الذي لا يعلم ما هي العطايا والنفحات التي يمنحها الله للإنسان في هذا الشهر الثمين يلهى بمشاهدة المسلسلات، وينشغل بالعزائم والغبقات، أو يقضي يومه بالنوم، ولا يؤدي العبادات.
إنّ اتساع دائرة الوعي لدى أي واحد من البشر تجعل مسؤوليته عن الحفاظ على أسباب الاستقرار والتقدم أوسع وأشمل في كل جوانب حياته، كما أن وعيه بالمخاطر يصبح أيضاً أفضل، وهذا يعني أن الجهل والتخلف والعزلة توهن الشعور بالمسؤولية، والرقابة الذاتية على الحراك الشخصي. فلنحذر من ضياع الكنوز والأجور التي سوف تأتينا من العبادات والطاعات في هذا الشهر الكريم، راقب ذاتك، وعظّم مسؤوليتك تجاه نفسك، لتفوز بالعتق من النيران، والجنان التي تجري من تحتها الأنهار.
mona_alwohaib@