العديد من الناس يود أن يغير جانباً من حياته أو عدة جوانب، والقلة القليلة من الناس من تكون لديهم إرادة حقيقة لهذا التغيير، ومن الخطأ في التفكير أن نتوقع أن التغيير يحدث مرة واحدة، وإنما هي عمليات صغيرة ولكنها مستمرة وعلى المدى البعيد تحدث فارقاً كبيراً، ويقول جيمس كلير، في كتابه المميز «العادات الذرية»: «إذا أمكنك التحسن بنسبة 1 بالمئة فقط كل يوم على مدار عام، سينتهي بك الحال وأنت أفضل بسبعة وثلاثين ضعفاً في ما تفعله».
ولا ننسى أهمية التخلص من العادات القديمة السيئة التي كانت تعوق تقدمنا في مختلف المجالات والحياة، سواءً الصحية أو العقلية أو المالية، ويضيف الكاتب: «إن مهمة التخلص من عادة سيئة تشبه اجتثاث شجرة بلوط قوية من داخلنا، بينما مهمة بناء عادة حسنة تشبه غرس زهرة رقيقة ورعايتها يوماً تلو الآخر».
وكل شخص في هذه الحياة دائماً يطمح للأفضل وللتغيير من ذاته وتطويرها إلى الأحسن، وهذا لا شك يحتاج إلى تدريب ومجهود وعمل دؤوب مستمر، وحقيقة التغيير تأتي من داخل الإنسان إلى الخارج وليس العكس كما جاء في قول الله تعالى: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» (الرعد: 11).
ما لم تكن صادقاً مع نفسك لن تستطع أن تتقدم وتتغير، اسأل نفسك: ما الذي أريد تغييره؟ هل هو سلوك معين، طريقة تفكيري، علاقتي مع الآخرين، أو عاداتي اليومية؟ وحاول الاستعانة بالآخرين الذين يعرفونك عن قرب، لمعرفة الجوانب التي تحتاج إلى تطوير وتغيير حتى تصل لما تريد، وتذكر أن التشخيص السليم يمثل 50 بالمئة من علاج أي شيء.
حدد أهدافاً ذكية قابلة للتحقق، وهناك مجموعة من الشروط التي يجب أن تكون موجودة فيه، وهي أن يكون الهدف محدداً وواضحاً ودقيقاً، وقابلاً للقياس حيث يمكن تحديد مدى التقدم فيه من خلال أرقام أو معايير محددة، وقابلاً للتحقيق حيث يكون واقعياً ويمكن تحقيقه بناءً على الموارد والإمكانات المتاحة، وذا صلة يتماشى مع الأولويات والقيم الشخصية أو المهنية، ومحدداً بزمن أي له إطار زمني واضح يساعد في الحفاظ على الالتزام.
ومثال على هدف غير ذكي مقابل هدف ذكي وهو أن يقول الإنسان: «أريد أن أكون أكثر صحة». ولاشك أن هذا هدف عام غير ذكي. بينما الهدف الذكي هو: «سأمشي لمدة 50 دقيقة يومياً، خمسة أيام في الأسبوع، لمدة ثلاثة أشهر لتحسين لياقتي البدنية».
والإنسان يحتاج إلى أن يكرر الأمر الذي يود أن يغيره إلى 20 مرة تقريباً، حتى يحدث نجاحاً حقيقياً، بمعنى آخر أن الإنسان لو أراد أن يتعلم القراءة فعله أن يقرأ ولو صفحات قصيرة متكررة حتى تصبح لديه عادة، إذاً، فشهر رمضان يمتنع فيه الإنسان عن الأكل والشرب لمدة 30 يوماً تقريباً، من الفجر إلى وقت المغرب، وفي الحقيقة فإن الإنسان سيتعود على اكتساب عادات إيجابية ويشترك معه الناس في ذلك.
وشهر رمضان فرصة لكي يغير الإنسان من نمط حياته السريع والذي تسببت به الحياة المعاصرة، وما يكون معها من قطيعة، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بكثرة وحتى داخل البيوت لدرجة أن البعض يعزل نفسه في المنزل من أجل برامج التواصل، إلى تلاقي أفراد العائلة على أوقات محددة للفطور والسحور، فالجميع حاضر وقت الإفطار ووقت السحور، فلنستغل هذا الشهر المبارك في التخلص من عاداتنا السيئة وممارساتنا السلبية، ونضع لأنفسنا خطة تسمو بها نفوسنا، وتقربنا من الله عزوجل.