الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي فتح قلبه لبرنامج «مسرح الحياة»
جاسم البديوي: الأمير أعاد إلى الكويت... رونقها
- اكتسبت معظم مهاراتي من والدي وإخوتي ودواوين الفيحاء خلال مرحلتي الطفولة والمراهقة
- تربينا على قيم ومبادئ يصعب تنشئة الجيل الحالي عليها... ويجب مراقبة الجيل الجديد
- والدي كان يعود إلى البيت بيدين مدممتين من انفجار «الفشق» التي كان يصنعها ويبيعها
- للكويت مكانة خاصة في قلوب الخليجيين... وقادة دول التعاون يثنون على الإصلاحات الأخيرة
- «الخليجي» حقق العديد من الإنجازات منذ إنشائه... أبرزها الموقف السياسي الموحد لدوله
- متأخرون نعم... لكننا نمضي في الطريق الصحيح ونعمل على التغلب على التحديات
- جميع دول الخليج مؤهلة للحصول على الإعفاء من «شنغن»... والأوروبيون هم الخاسرون من التأخير
- أولى محطاتي في العمل الدبلوماسي كانت اليابان... ثم النمسا فالولايات المتحدة
في لقاء مميز، حمل في تفاصيله الكثير من التجارب الشخصية والرؤى المستقبلية للمنطقة، فتح الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، السفير جاسم البديوي، قلبه حين حلّ ضيفاً على برنامج (مسرح الحياة)، الذي يقدمه الإعلامي الزميل علي العلياني، ويبث على تلفزيون «الراي» ومنصة «ROD».
واستعرض البديوي، خلال اللقاء، محطات عديدة ومؤثرة، تتأرجح بين الماضي والحاضر، من طفولته ومراهقته، وحتى دراسته التي صقلت شخصيته وأسهمت في تشكيل فكره القيادي، مع التفاتة إلى ذكرياته العائلية التي تعكس أصالة المجتمع الكويتي والخليجي.
وتحدث عن أبرز الملفات التي تشغل الشارع الخليجي، من التكامل الاقتصادي، إلى دور مجلس التعاون في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، مروراً بالجهود الدبلوماسية التي تبذلها دول المجلس لتعزيز مكانتها عالمياً.
وكشف اللقاء جوانب جديدة في شخصية البديوي، متتبعاً تطلعاته وأحلامه في تطوير العمل الخليجي المشترك، ليبقى مجلس التعاون ركيزة أساسية في استقرار المنطقة وازدهارها.
الطفولة والمراهقة
قال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، السفير جاسم البديوي، إنه اكتسب العديد من المهارات، التي صقلها خلال مرحلتي الطفولة والمراهقة، مبيناً أنه اكتسب تلك المهارات في دواوين الفيحاء أو حين كان يدرس بالمرحلة الثانوية، أو استقاها من والده أو إخوته الأكبر سناً، وأصبحت لديه حصيلة استفاد منها خلال حياته، مستذكراً ذهابه مع والده للدواوين ورؤيته للأصالة في منطقة الفيحاء ومناطق أخرى.
مراقبة الأبناء
وذكر البديوي أن المبادئ والقيم التي نشأ وتربى عليها جيله، يصعب تطبيقها على الجيل الحالي من الأبناء، بسبب التطور المعرفي والتكنولوجي، داعياً إلى ضرورة الالتفات إلى أبناء هذا الجيل ومراقبتهم ووضع خطوط حمراء أمامهم.
بيع «الفشقة»
وتحدث البديوي عن ذكريات عائلية مؤثرة، حيث قال إن الأسرة حكت له عن أن والده كان «يبيع السلاح»، حيث كان يصنع الرصاص «الفشق»، وذكروا له أن والده كان يعود أحياناً إلى البيت، ويداه مدممتان من انفجار «الفشقة»، مشيراً إلى أنه عندما ولد كانت هذه الصنعة قد اختفت من الكويت، وانتقل والده لبيع مواد الإنشاء.
قصة تمثّل الكويت
وأوضح أن هناك تشابهاً كبيراً بين معاناة والده، الذي توفيت والدته وعمره سنتان؛ وتربيته عند أخواله وعيشته الصعبة، وفقد إحدى عينيه، وهي ظروف لم تمنعه من بناء نفسه من العدم في ذلك الزمن قبل اكتشاف النفط، وبين الكويت التي كانت تعتمد على اللؤلؤ فقط والتجارة البسيطة، إلى أن منّ الله عليها باكتشاف النفط، والقيادة الحكيمة التي عرفت كيفية الاستفادة من هذه النعمة. وأضاف أن أول شحنة نفط صدرت من الكويت كانت في العام 1946، وأنشأت الكويت صندوقها السيادي عام 1953، في زمن المغفور له الشيخ عبدالله السالم قبل 8 سنوات من استقلال البلاد، لافتاً إلى أن دول الخليج بخيرٍ بفضلٍ من الله ثم فضل قادتنا وشعوبها المخلصة المتفانية.
وذكر البديوي أن الصندوق السيادي الكويتي يعتبر واحداً من أنجح الصناديق السيادية حول العالم حالياً، وأن الصناديق السيادية الخليجية تمتلك نحو 33 في المئة من قيمة الاستثمارات في جميع دول العالم، مؤكداً أن هذا أتى من الفكر والتخطيط السليم.
شريط مُعاد
وقال إن أولى محطاته في العمل الدبلوماسي، «كانت في اليابان ثم النمسا فالولايات المتحدة، والعودة إلى الكويت لمدة سنة، تم تعييني بعدها سفيراً للكويت في كوريا الجنوبية، ثم سفيراً في بلجيكا والاتحاد الأوروبي، ومن بعد بالولايات المتحدة، كأنه شريط يعيد نفسه من آسيا إلى أوروبا ثم إلى أميركا، ومن ثم عدت إلى السعودية لتسلم منصب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي».
رونق الكويت
ذكر البديوي أن معرفته الأولى بصاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد «كانت في كليفلاند عام 2005، عندما كان المغفور له الشيخ جابر الأحمد يتلقى العلاج هناك، وكان السفير الشيخ سالم عبدالله الجابر قد جمعنا بسفارة الكويت في واشنطن، وأبلغنا بأن سمو الشيخ جابر سيحضر لكليفلاند للعلاج، وإننا بحاجة لضابط اتصال من السفارة يكون متواجداً هناك طوال الوقت، وسنعمل جدولاً بالتناوب ونبتدئ بجاسم البديوي، وأنه ذهب واستقبل الوفد وبقي معهم لمدة 10 أيام إلى أن وصل المغفور له الشيخ جابر ويرافقه سمو الأمير الشيخ مشعل، وكانت فترة مناوبته قد انتهت فذهبت لأودع الجميع للعودة للعاصمة واشنطن حيث إن زميلاً له سيأتي مكانه، فرفضوا أن أذهب وقالوا له (تعودنا عليك وارتحنا لك)، واتصل عليّ السفير وقال لي إنني سأبقى مع الوفد، وكان لي شرف خدمة أمير القلوب رحمه الله».
وأضاف: «هناك بدأت علاقتي مع سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد، حيث كنا نلتقي صباح كل يوم في الديوانية، ولم يكن لدى سموه منصب رسمي في ذلك الوقت، لكنه كان يتحدث في بعض الأحيان عن مشاكل بلدية الكويت وعن ميزانية الدولة قبل 20 عاماً، وعندما تسلم الحكم وبدأنا العهد الجديد، رأينا الإصلاحات وأعاد سموه للكويت رونقها وريادتها».
وتابع: «الجميع رأى دورة كاس الخليج الأخيرة في الكويت، وكيف عاد الرونق لهذه البطولة وامتلأت الفنادق بالجماهير، هذا العهد الذي نتأمله ونشعر به، فمنذ أن بدأ سموه بإجراءاته على جميع الأصعدة فإنه يشعر بأننا نمشي فعلاً في الاتجاه الصحيح».
وعن نظرة أهل الخليج للحراك في الكويت، قال: «الجميع مرحب بما يحدث في الكويت، فللكويت مكانة خاصة لدى الجميع، وجميع القادة والمسؤولين الذين جلست معهم أشادوا وأثنوا على الخطوات الإصلاحية العديدة التي قام بها سمو الأمير، وجميعهم أبدوا استعدادهم لتقديم المساعدة».
إنجازات
وفي تعليقه على بعض الآراء التي ترى أن مجلس التعاون لم يحقق شيئاً ملموساً لشعوب المنطقة، قال البديوي: «مجلس التعاون الخليجي أنشئ عام 1981، وهناك إنجازات كثيرة تمت، منها أن المواقف السياسية لدوله واحدة، ومشروع الربط الكهربائي يواصل نجاحه، وتنقل البضائع بين دول المجلس مستمر، والاتحاد الجمركي يفترض الانتهاء منه في 2025، وعلى الرغم من وجود تحديات ومعوقات كبيرة، إلا أننا نعمل على حلها، كما تم تحقيق إنجازات عديدة في السوق الخليجية المشتركة، ومازالت هناك بعض التحديات لإنجازها».
وأضاف: «نحن في الطريق الصحيح، لكننا متأخرون قليلاً»، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي «بدأ في الخمسينات، أي قبلنا بثلاثين عاماً، وليسوا جميعاً متفقين على التأشيرة أو العملة أو السوق المشتركة حتى الآن، ولديهم تحدياتهم أيضاً».
الخطوط العريضة
وعن طريقة تعامله كأمين لدول المجلس، مع السياسات الخارجية، المختلفة أحياناً، لدول الخليج، قال البديوي: «دول الخليج متفقة جميعاً على الخطوط العريضة، وأكبر دليل على ذلك هو الرؤية المشتركة التي تم إصدارها في مارس 2024 للأمن الإقليمي، وقد تكون هناك تفاصيل مختلفة حيال بعض القضايا، لكن بياناتنا تكون مرضية للجميع».
ملف «شنغن»
ذكر البديوي أن «البيان الختامي للقمة الأوروبية الخليجية التي عقدت في بروكسل، أكتوبر 2024، تضمّن فقرة واضحة، تتحدث عن أهمية المضي قدماً في ملف إعفاء مواطني الخليج من تأشيرة شنغن، وملف شينغن ليس خليجياً ـ أوروبياً، بل كل دولة على حدة، وجميع الدول الخليجية مؤهلة للحصول على الإعفاء».
وقال: «الأوروبيون هم الخاسرون من تأخير إصدار هذا القرار، فالتواجد الخليجي في أوروبا إيجابي لهم، ويحرك لهم اقتصادهم».