رأي نفطي

(أوبك+)... هل فقدت السيطرة على الأسواق النفطية؟

تصغير
تكبير

تواجه منظمة (أوبك+) تحديات كبيرة في السيطرة على أسواق النفط العالمية، حيث لم تتمكن لخمسة اجتماعات متتالية من اتخاذ قرار بزيادة الإنتاج، بل استمرت في تبني سياسة الحد من الإمدادات. وعلى الرغم من امتلاكها طاقة إنتاجية فائضة تصل إلى حوالي 6 ملايين برميل، فإنها لا تستغل هذه الكميات لدعم حصتها في السوق، في وقت تضخ فيه الدول المنتجة خارج المنظمة كميات متزايدة، ما يؤدي إلى تآكل الحصة السوقية لـ(أوبك+) تدريجياً.

وفي ظل هذه الظروف، لا يزال سعر برميل النفط عند مستوى 73 دولاراً، رغم تجميد الإنتاج الفنزويلي واستمرار العقوبات التي تمنع شركة شيفرون الأميركية من استئناف أنشطتها هناك. كما أن التهديدات الأميركية بفرض عقوبات على صادرات النفط الإيرانية وإعادتها إلى مستويات سابقة تقل عن مليون برميل يومياً لم تؤثر بشكل كبير على الأسواق.

في المقابل، تتسابق الصين والهند للبحث عن مصادر جديدة للنفط، ما يعكس توافر كميات كبيرة من الإمدادات العالمية التي تحد من ارتفاع الأسعار.

إلا أن القضية الأهم تكمن في تراجع نفوذ (أوبك+)، حيث تمتلك المنظمة قدرة إنتاجية غير مستغلة، بينما يتمكن المنتجون الجدد من دخول الأسواق ومنافستها حتى داخل مناطق نفوذها التقليدية. ورغم أن السعر الحالي للنفط يعد مقبولاً للمستهلكين، إلا أن العديد من دول (أوبك) تعاني من عجز مالي متزايد، حيث إن الأسعار الحالية لا توفر لها العائد المطلوب لتغطية نفقاتها وتحقيق التوازن في ميزانياتها. ولتعويض هذا العجز، يلجأ بعض الدول إلى الاقتراض من البنوك العالمية أو حتى مثلاً بيع بعض أصولها النفطية، ما يطرح تساؤلات حول استدامة هذا النهج.

وفي حال قررت (أوبك+) خفض إنتاجها لدعم الأسعار، فإن الإمدادات الآتية من الولايات المتحدة وكندا والمكسيك والبرازيل قد تعوض هذا النقص، ما يقلل من فعالية هذه الخطوة. ومن جهة أخرى، فإن خيار زيادة الإنتاج بشكل كبير لإغراق الأسواق بهدف الضغط على المنتجين ذوي التكاليف المرتفعة (النفط الصخري والتقليدي)، قد يكون مكلفاً للغاية، لأنه سيتطلب اقتراضاً إضافياً دون تحقيق عائد مالي مجزٍ، في وقت تواجه فيه الدول المستهلكة ضغوطاً لخفض أسعار النفط.

وبالنظر إلى هذه التحديات، يبدو أن السعر الأنسب لـ(أوبك+) يتراوح بين 70 و80 دولاراً للبرميل، حيث يوفر مستوى 80 دولاراً حداً أدنى من الاستقرار المالي، وإن لم يكن السعر التعادلي المثالي للدول الأعضاء. ولتحقيق هذا الهدف، يتعين على المنظمة ضبط الإنتاج، التحكم في المصاريف، وتعزيز التعاون مع بعض الدول المنتجة خارجها لتنسيق الإمدادات وتحسين مستويات الأسعار. كما يمكن لبعض الدول اللجوء إلى بيع أصول معينة كجزء من إستراتيجيتها المالية.

إذا تمكنت (أوبك+) من تحقيق هذا التوازن عبر التنسيق المستمر مع المنتجين الآخرين، فإنها قد تستعيد دورها القيادي في أسواق النفط، مع ضمان استقرار الأسعار دون الإضرار بالمصالح المالية للدول المنتجة، ما يعزز قدرتها على مواجهة التحديات المستقبلية.

محلل نفطي مستقل

naftikuwaiti@ yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي