رأي نفطي

قراءة في مطالب أميركا لـ«أوبك» بخفض الأسعار

تصغير
تكبير

طالبت الإدارة الأميركية الحالية منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) باتخاذ إجراءات عاجلة لتخفيض أسعار النفط، بحجة أن ذلك سيساعد في زيادة الضغط على روسيا لإيجاد حل سريع للحرب الدائرة بينها وبين أوكرانيا.

غير أن الإدارة الأميركية، على ما يبدو، تغفل حقيقة أن أي خفض في أسعار النفط سيؤثر بشكل مباشر على منتجي النفط التقليدي والنفط الصخري في الولايات المتحدة. ومن المعروف أن إنتاج النفط في أميركا يواجه تحديات كبيرة، حيث سيكون من الصعب زيادة الإنتاج إلى أكثر من 15 مليون برميل يومياً خلال السنوات الأربع المقبلة. كما أن تحقيق الهدف الطموح المتمثل في إنتاج 20 مليون برميل يومياً يبدو بعيد المنال. السبب الرئيسي يعود إلى التكلفة الإجمالية المرتفعة لإنتاج النفط في الولايات المتحدة، والتي تتراوح ما بين 70 إلى 80 دولاراً للبرميل، سواء كان نفطاً تقليدياً أو صخرياً، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة توزيع الأرباح والفوائد السنوية للمستثمرين.

وفي ظل هذه الظروف، فإن الدعوة إلى زيادة الحفر والإنتاج النفطي في الولايات المتحدة تتعارض مع مطلب الإدارة الأميركية لمنظمة أوبك بخفض أسعار النفط. وبالنظر إلى الأسعار الحالية للنفط، التي تبلغ حوالي 77 دولاراً للبرميل، فإن هذا المعدل لا يكفي لتغطية العجز المالي الذي تعاني منه معظم دول أوبك، حيث تحتاج هذه الدول إلى سعر يتراوح بين 90 إلى 95 دولاراً للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانياتها. ومن ثم، فإن الخيار الوحيد أمام هذه الدول يتمثل في تسييل أصولها أو اللجوء إلى الاقتراض من البنوك العالمية، وهو أمر ليس بالسهولة المتوقعة، خصوصاً مع الضغوط الأميركية لخفض أسعار النفط.

بناءً على ذلك، فإن زيادة أسعار النفط هي الخيار الأكثر منطقية لضمان تحقيق المنتجين الأميركيين هوامش ربح كافية.

خفض أسعار النفط يتطلب بالضرورة زيادة المعروض النفطي على المستوى العالمي. ولكي تتمكن «أوبك» من تحقيق ذلك، سيكون عليها رفع أو إزالة السقف الإنتاجي الحالي الذي يبلغ حوالي 6 ملايين برميل يومياً، وضخ هذه الكميات إلى الأسواق العالمية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الزيادات المحتملة في الإنتاج من دول مثل الولايات المتحدة وكندا والمكسيك قد تؤدي إلى انهيار أسعار النفط إلى مستويات قد تصل إلى 70 دولاراً للبرميل.

ولكن هذا المعدل غير مقبول، ولن يرضي المنتجين الأميركيين أيضاً، ما يجعلهم الطرف الأكثر تضرراً في هذه الحالة.

إجبار منظمة أوبك على التخلي عن سياساتها الإنتاجية الحالية، وخفض أسعار النفط، لن يخدم لا المستهلك ولا المنتج على المدى البعيد. الأمر يتطلّب مقاربة أكثر حِكمة، بعيداً عن التصريحات المثيرة التي تُثير القلق في الأسواق. استقرار الاقتصاد العالمي يحتاج إلى استقرار سوق النفط، وترك إدارة هذا المورد الحيوي لأصحابه، بدلاً من التدخلات التي تؤدي إلى اضطرابات أعمق في الاقتصاد العالمي.

كاتب ومحلل نفطي مستقل

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي