من الوعود التي حملها الرئيس الجمهوري المنتخب دونالد ترامب، على عاتقه أثناء حملته الرئاسية الأخيرة في الولايات المتحدة هي التضييق على انحراف سلوك المتحوّلين جنسياً في البلاد.
إذ قال بالحرف الواحد إنه سيكون بتوقيع مني في اليوم الأول من تسلمي سُلطة الرئاسة وتحديداً في يوم 20 يناير من العام الحالي، سأوقف جنون المتحوّل الجنسي بأوامر تنفيذية حاسمة لإنقاذ المجتمع الأميركي من هذا السلوك الشاذ ولإنهاء تشويه الأطفال جنسياً، وكذلك سيسعى ترامب لإخراج المتحوّلين جنسياً (الجنس الثالث) من الجيش والقوات المسلحة، ومن المدارس في جميع المراحل: الابتدائية والمتوسطة والثانوية، والأجرأ من هذا سيمنع ترامب الرجال من ممارسة الرياضة النسائية، وقال سيتم ذلك في اليوم الأول من رئاستي في ظل إدارتي ستكون السياسة الرسمية لحكومة البلاد هي وجود جنسين فقط وهما «الذكر والأنثى» وهي الفطرة التي خلقها الله في الكون.
وفي ظل هذه المتغيرات السياسية التي تزامنت مع قُرب موعد رحيل سلفه جو بايدن، كان لزاماً على الرئيس القادم دونالد ترامب، أن يواكب نهجه الجديد بتغيير ملفات مصيرية عدة، فقد أصدر سلفه العديد من القرارات التي تخالف آراء معظم الأميركيين ومنها ما يُعرف باسم اليوم العالمي للمتحوّلين جنسياً، والذي يوافق عادة يوم 31 من مارس من كل عام وذلك تعزيزاً للحقوق المدنية لهؤلاء المثليين المتحوّلين جنسياً، فكان الداعم الأول لهم بقوله: نحن فخورون بالاحتفال بهذا اليوم جنباً إلى جنب مع الموظفين العموميين الذين يكسرون حواجز الخوف بما في ذلك أفراد الخدمة العسكرية من المتحوّلين جنسياً الذين أصبحوا قادرين بالانخراط في خدمة الجيش بعد اعتماده قراراً رئاسياً تنفيذياً يسمح لهم المشاركة، بينما نجد أن المتحوّلين جنسياً من الأميركيين قد واجهوا معدلات عالية من العنف والمضايقة والتمييز بين المجتمع الأميركي من جميع الأعمار، وذلك بسبب موجة الاستنكار الشعبي لهم خصوصاً في ما يخص أزمة العنف ضد النساء المتحوّلات جنسياً.
فقد كان الرئيس جو بايدن، يسعى لمزيد من الحماية الكاملة للحقوق المدنية للمتحوّلين جنسياً من الأميركيين من خلال منحهم امتيازات عالية في الجيش والشرطة والرعاية الطبية، والأدهى من ذلك أن المحكمة العليا للولايات المتحدة قد أجازت لجميع الولايات الاعتراف بالزواج بين الأزواج المثليين (الملقبين باسم LGBT) من البالغين المتراضين بين بعضهم منذ تاريخ 26 يونيو عام 2015!
إذاً، أيام قليلة ستنتقل من خلالها «السلطة» من الإدارة الحالية برئاسة جو بايدن، إلى القيادة الجديدة لدونالد ترامب، إلا أنها تبدو مدة طويلة في نظر البعض لذلك سُميت «بالبطة العرجاء» وهي المدة التي أقرّها الدستور الأميركي كحد أقصى لتسليم وتسلّم السلطة من بعضهما.
وبموجب القانون الأميركي سيبقى جو بايدن وهو يتمتع بكامل الصلاحيات الرئاسية حتى ظهر يوم 20 من يناير الجاري، بينما لا يكون للرئيس المنتخب دونالد ترامب أي صلاحيات تنفيذية حتى تسلّم السلطة، كما لا يُمكنه القيام بأي زيارات رسمية خارجية خلال الفترة الانتقالية.
ويبقى السؤال هنا: لماذا سلّط الرئيس دونالد ترامب الضوء على قضية التحوّل الجنسي، وعلى حملة تشويه الأطفال جنسياً، ولماذا توّعد بإبعاد الرجال عن الرياضات النسائية؟!
من المعروف أن السياسة الرسمية لحكومة الولايات المتحدة على مدى سنوات عديدة كانت تتمثل في أن ثمة جنسين: الذكر والأنثى فقط لا غير، وبالنظر عن قُرب إلى استطلاعات الرأي، نجد أن الأميركيين لديهم وجهات نظر مختلفة حول الهوية الجنسية وقضايا التحوّل الجنسي وبالتالي يفضّل معظمهم حماية الأشخاص من الانحراف الأخلاقي من خلال رفض الغالبية دعم السياسات الداخلية لبرامج الرعاية الطبية الداعمة للتحوّلات بين الجنسين، كما تشعر الغالبية بعدم الرضا لوتيرة التغيير السريعة بقضايا المتحوّلين جنسياً لأنها عادة لم يتعوّد عليها المجتمع الأميركي لهذا الكم الهائل من المتحوّلين سواء للذكر أو الأنثى، وهذا ما جعل الرئيس دونالد ترامب، يتعهّد جازماً العمل على منع تغطية تكلفة علاجات العمليات الجراحية للمتحوّلين جنسياً من أطفال العسكريين الأميركان بعد أن تم إعطاؤه الضوء الأخضر من الجمهوريين في مجلس الشيوخ بتمرير ميزانية وزارة الدفاع (البنتاغون) والبالغة 895 مليار دولار لعام 2025، كما سلّط الرئيس ترامب الضوء على قضية تشويه الأطفال جنسياً من جميع النواحي الحياتية والدراسية نظراً لوجود نحو 10 آلاف طفل وشاب وهم متحوّلون جنسياً وتتراوح أعمارهم ما بين 6 و22 عاماً وآباؤهم عسكريون وفقاً لتقديرات الرابطة العسكرية الأميركية الحديثة، وبالتالي ليس أمام الرئيس المنتخب الجديد دونالد ترامب، سوى الجزم بتنفيذ القضايا كافة التي أعلن عنها أخيراً والتركيز على وجود ظاهرة المتحوّلين جنسياً في جميع الأماكن بشكل مشمئز ومنها المدارس العامة وأفرع القوات المسلحة للجيش والشرطة والصالات الرياضية ودورات المياه العامة وغيرها، وحيث من خلال السنوات الأخيرة التي تقلّد فيها الرئيس جو بايدن الرئاسة اتسعت فجوة المعارك حول حقوق المتحوّلين جنسياً في الولايات المتحدة، فارتفعت حدة الخلافات حول حق الوصول الى المراحيض العامة وتنافس الأشخاص المثليين الذين يلعبون في الفرق الرياضية النسائية والمعاهد الصحية الخاصة وتنافسهم الواضح في المشاركة الانتخابية للرئاسة خوفاً على مصيرهم الغامض، وبالتالي كثر الجدل حول حقوقهم وكيفية تقديم الرعاية الصحية للقاصرين المتحوّلين جنسياً ومدى إمكانية تحريك قضايا في المحاكم الأميركية مرة أخرى في هذا الشأن.
على أي حال، يبقى الأمر عالقاً بانتظار موعد قرارات الرئيس الجديد دونالد ترامب في البيت الأبيض أمام المطالبات الشعبية نحو الاعتدال والتسامح حول آرائهم بالدين والثقافة والمعرفة والمعايير وبالذات مع صعود الجيل الجديد الذي يسعى نحو تغيير النهج الأميركي نحو الأفضل...
ولكل حادث حديث،،،