كيف فخخت إسرائيل «بيجرز» «حزب الله»؟
نجحت الاستخبارات الإسرائيلية في «عملية نوعية» استهدفت «حزب الله» وبيئته الحاضنة والمتعاقدين مع مؤسساته المختلفة، أدت إلى جرح 2800 شخص ومقتل 12 آخرين، بينهم طفلان.
إلا أن هذه العملية لم تكن لتحصل لولا تمكن إسرائيل من الحصول على أجهزة النداء «البيجر» والشحنة التي وصلت إلى لبنان عن طريق غير مباشرة أدت إلى زرع عبوة صغيرة شديدة الانفجار ولكن كافية لإحداث ثغرة أمنية وضرر كبير أربك لبنان ومجتمعه.
إلا ان هكذا عملية يبدو انها أوقفت المطالبين الإسرائيليين بالهجوم على لبنان، كما كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وقادة جيشه المتطرفين في حكومته يطالبون به.
ومن المعلوم أن إسرائيل تمتلك السيطرة على الاتصالات في شكل عام خصوصاً الصادرة من لبنان ولديها إمكانات هائلة ومساعدات دولية مفتوحة لها.
ولذلك لم يكن من المستحيل مراقبة طلبات تخرج من شركات أو مستوردين لبنانيين خصوصاً لأجهزة النداء وبكميات ما لا شك فيه بأنها تثير الشبهة بوجهتها الأخيرة التي من الممكن ان تستهلك هذا العدد (حزب الله).
وكان الحزب قد اعتمد في حرب يوليو 2006 على أجهزة النداء في شكل خاص للتواصل مع جميع أعضائه أثناء الحرب، بسبب المخاطر التي تواكب استخدام الهواتف الذكية وإمكانات إسرائيل التكنولوجية يخرقها.
وعام 2006 أعطيت أوامر عدة مشفرة لجميع حاملي جهاز النداء ينسق إطلاق النار أو وقفه أو التنسيق بين غرف القيادة والسيطرة والقوات الموجودة على الأرض من خلال رموز رقمية يفهمها «حزب الله حتى ولو استطاعت إسرائيل اكتشاف واعتراض المحتوى المتمثل بأرقام مبهمة.
ولهذا فإن أجهزة النداء مهمة جداً للعناصر الذين احتفظوا بها لسنوات عدة حتى أتت صفقة جديدة مع مميزات متقدمة.
فبدل من أن يكون الجهاز يحمل بطارية عادية، أتى الجهاز الجديد بمميزات مختلفة يشحن ببطارية تعبئ من جديد ويعمل أيضاً على الطاقة الشمسية.
لكن الجهاز لم يجذب جميع عناصر الحزب الذي احتفظ عدد كبير منهم بجهازهم القديم.
وقد وصلت الشحنة التي طلبها الحزب عن طريق طرف ثالث في محاولة لعدم إثارة الريبة لدى الأطراف التي تتربص به.
إلا أن إسرائيل علمت بالصفقة وتسلّمتها عن طريق دولة ثالثة لتستطيع زرع المتفجرات بكميات صغيرة جداً داخل الجهاز. كذلك زرعت طابات معدنية مثل التي يستخدمها التنظيمات بزرعها عبوات موجهة بداخلها طابات معدنية للايقاع بأكبر عدد من الإصابات.
وبسبب وجود الشاشة والبطارية والجهاز الإلكتروني، كان من الضروري زرع متفجرات صغيرة ولكن شديدة الانفجار مثل مادة الـ PETN داخل غلاف البطارية وحجرتها الداخلية.
وهذه المادة شديدة الحساسية ويمكن تشغيلها بشحنة كهربائية منخفضة نسبياً ما يجعلها متوافقة مع نظام طاقة البطارية.
ويمكن تشغيل التفجيرات من خلال دوائر البطارية باستخدام شحنة كهربائية صغيرة تشغل من خلال موجات راديو تحفز الانفجار.
ويضاف إلى المتفجرات، الطابات المعدنية التي تسببت بإصابات مختلفة في أجسام المصابين في أنحاء متعددة من الوجه واليدين والجسم.
ودفعت قوة التفجير بسرعة 8450 متراً بالثانية، الكرات المعدنية إلى الخارج بعد ان استلم جميع حامليها رسالة ERROR متكررة وكذلك ارتجاج دفع بأكثر المصابين بالإمساك بالجهاز للسيطرة عليه ولمشاهدة محتويات الرسالة.
وقد زرعت إسرائيل توقيتا مؤخراً لبضع ثوان إضافية لتسمح للمستخدم بالإمساك بالجهاز بيده قبل أن ينطلق الانفجار.
ولهذا فإن أكثر الإصابات في اليدين أو الوجه ما تسبب أيضاً بفقدان عين واحدة أو فقدان الاثنين.
ولم تنفجر جميع الأجهزة وبعضها اشتعل من دون إحداث ضرر أو انفجرت جزئياً من دون أن تحدث أضرار جسدية كبيرة.
وسمح وجود هذه الأجهزة التي لم تنفجر للخبراء والمهندسين بدراسة الجهاز عن قرب بعد معرفتهم بما يوجد داخل الجهاز.
ومما لا شك فيه ان الاستخبارات الإسرائيلية قد نجحت بإخفاء الكرات المعدنية والمتفجرات بعناية فائقة ما أفشل جهاز البحث لدى«حزب الله» بكشف المحتويات قبل السماح لعناصرة باقتنائه.
مما لا شك فيه ان العملية تعد نجاحاً للاستخبارات الإسرائيلية التي استطاعت تنفيذ خطتها بمساعدة خارجية من دون أدنى شك في ذلك.
ومن الطبيعي أن يحمّل الحزب المسؤولية للشركة التي سيعتبرها مسؤولة عما حصل وعن التعاون مع الاستخبارات الإسرائيلية التي كان لديها مدخلية لصناعة الجهاز وتفكيكه واستبدال بطاريته ووضع المتفجرات والكرات المعدنية.
إلا أن رد الحزب على هذه العملية سيحدد مسار المعركة المقبلة. فهل يذهب الحزب لمواجهة أكبر أم يكتفي بالإبقاء على جبهة المساندة ويتقبل خسارة جولة لأن الحرب سجال؟