مضى 64 عاماً على تأسيس المنظمة النفطية.
ففي عام 1965 أبصرت «أوبك» النور من 5 دول نفطية الكويت، العراق، السعودية، ايران وفنزويلا ولغرض وحيد وهو الحفاظ على مدخول مالي مناسب أو بمعنى آخر الحفاظ على معدل مناسب في الإيراد المالي السنوي، ومن ثم بناء ميزانياتها على المعدل اليومي لسعر البرميل، أو حتى معرفة حدود أو النطاق السعري المطلوب السنوي من مواردها ومن مدخولها المالي الأحادي. بدلاً من التعرض من التهديدات بخفض الإنتاج وزيادة إنتاج دولة نفطية أخرى على حساب دولة نفطية شقيقة ومجاورة لها من ملاك وأصحاب الامتيازات النفطية من قبل الشركات النفطية العملاقة، الأميركية والهولندية والإنكليزية المالكة لحقوق الامتياز والاحتكار للدول النفطية الخليجية وفي فنزويلا.
بالإضافة إلى امتناع الشركات النفطية والرد على أي استفسار حول عملية إدارة جميع الشؤون المتعلقة بالإدارة والإنتاج والتكرير وحتى شروط العقود النفطية وتسعير سعر النفط الخام، والفروقات بين العوائد المالية للدول المنتجة للنفط الوطنية مقارنة بالنفوط المختلفة ومنها الأميركية.
وتتكون المنظمة الآن من 13 دولة من مختلف بقاع العالم بعد انضمام روسيا إليها حيث أصبحت جزءاً من قرارات (أوبك +) وهي التي فعلاً ساهمت في رفع أسعار النفط.
في الوقت ذاته، روسيا هي ثاني أكبر دولة منتجة للنفط بعد الولايات المتحدة وهي التي تنتج حالياً أكثر من 13 مليون برميل في اليوم.
وأصبحت المنظمة الآن من أشهر المنظمات العالمية والتي تستقطب الأضواء والأنباء العالمية مع انعقاد أي اجتماع في أي مكان. وأصبحت (أوبك) المؤثر في قراراتها التي تتخذها، وفتحت كذلك في مجالات المضاربات والمراهنات اليومية على أسعار النفط عالمياً بسبب قراراتها المتوقعة أيضاً قبل اجتماعاتها.
ومعدل إنتاجها اليومي من النفط محرك للأسعار سواء في زيادة أو خفض في الإنتاج اليومي من النفط. والأهم اجتماعات المنظمة وقراراتها المحركة لمعدل النطاق السعري لبرميل النفط. أو أي معدل خفض أو زيادة في معدل الإنتاج أو في القرارات والتغييرات السياسية أو في تغيير منصب وزير النفط مثلاً، ويؤدي حتى إلى عدم استقرار في الأوضاع المالية والاقتصادية المختلفة.
وتنتج المنظمة حوالي 30 % من إجمالي الطلب العالمي وهذه نسبتها السوقية وتحدد سعر البرميل انخفاضاً وارتفاعاً، وهي تقريباً صمام أمان للنفط، واكتسبت الخبرة والسمعة والمكانة العالمية. وتشارك وتحضر المؤتمرات العالمية وأصبحت جزءاً من المؤسسات العالمية المهمة والأهم في بعض المناسبات وتكون هي المطلوبة والمؤثرة.
وفي كثير من الأحيان تقع وتحدث خلافات في اجتماعات «أوبك» بين الأعضاء على نسبة الخفض أو توزيع حصص الإنتاج. وهي المشكلة الأبدية، خصوصاً أن معظم الأعضاء يمتلكون كميات فائضة من النفط كما هو الحال حالياً، إلا أن بسبب وفرة العروض كان لزاماً على المنظمة مجتمعة خفض إنتاحها بأكثر من 5 ملايين برميل في اليوم الواحد حفاظاً على سعر النفط.
ومع ذلك مازال سعر البرميل ما دون المعدل المطلوب، حيث يلامس حالياً 73 دولاراً. والنطاق المطلوب تقريباً ما بين 75 الى أكثر من 85، وإن لم نقل 90 دولاراً. وهو المعدل الملائم والمريح لمعظم دول «أوبك»، لكن هذا أصبح أمراً صعباً وسط تزايد الإنتاج وانخفاض الطلب العالمي على النفط خصوصاً مع الطلب الصيني المتردد والمحير، ومن دون وضوح صورة ورؤية مشتركة عما يحدث في الصين ومنذ أكثر من عام.
رغم ذلك، يتفق أعضاء المنظمة على إنتاج محدود والتزام جميع الأعضاء عل حصصهم من الإنتاج، وتتحمّل المملكة العربية السعودية العبء الأكبر في التنازلات عن إنتاجها الأكبر وحصتها السوقية في سبيل وحدة وتضامن المنظمة البترولية. ولتبقى المملكة «الشقيق الأكبر» والتي دائماً تضحي من أجل وحدة «أوبك» وتضامنها وتكاتفها.
وتواجه المنظمة حالياً هبة من الانتقادات حول البيئة النظيفة والمحافظة عليها ومن ثم التحول أو إيجاد البديل أو الاستثمار في تحويل البرميل إلى مادة صديقة ومحافظة على البيئة. لكن هذه الإجراءات ستكلف الدول المنتجة للنفط. وهنا يأتي دور الدول المستهلكة وعليها أن تتحمل وتشارك الدول النفطية مصاريفها وتكاليفها. بمعنى أن الدول النفطية ستحمل هذه النفقات على المستهلك النهائي للنفط.
«أوبك» قدّمت وستقدم الأفضل لمستهلكي النفط وستواصل إمداداتها النفطية للعالم بسعرمنافس، وستضحي بكمياتها في حال زيادة الطلب العالمي على النفط، وستبقى الوصي والمحافظ على الإمدادات النفطية اليومية للعالم.
كاتب ومحلل نفطي
naftikuwaiti@yahoo.com