خواطر صعلوك

الرجل الذي لا ينام!

تصغير
تكبير

في عالم تنتقل فيه المعلومة والأموال بسرعة البرق، حيث يُعتبر النوم إضاعة للوقت، يظهر لنا رجل الأعمال الياباني دايسكي هوري، كمرجع مثير للاندهاش. فهو يتفاخر بأنه تمكّن من برمجة جسمه لينام 30 دقيقة فقط يومياً.

تخيلوا! 30 دقيقة، وكأن النوم هو مجرد تطبيق يُمكن إغلاقه عند الانتهاء منه!

أو كأن الجسم تحوّل إلى ساعة ذكية أو هاتفاً يكفي شحنه نصف ساعة!

عندما سُئل دايسكي عن سبب رفضه النوم كما فعلت وتفعل البشرية منذ عشرة آلاف سنة، كان جوابه أكثر إثارة للدهشة: «لا يوجد وقت لعائلتي وأعمالي».

يبدو لي أن السيد دايسكي، لم ينجح في إدارة عالم اليقظة، فذهب لإدارة عالم النوم، حاله كحال كل أولئك الذين فشلوا في إدارة عالم العقل والروح فذهبوا لإدارة عالم الجسد بالنفخ والشفط... وكلاهما يقول «من أجل عائلتي وأعمالي»!

لكن الغريب حقاً ليس أن هذا الرجل الياباني قرّر ألا ينام، فالتاريخ مليء بمثل هذه الدعوات والتجارب، الغريب فعلاً أنه أنشأ مركز تدريب لتعليم الآخرين كيفية «توفير» النوم. والنتيجة؟ 2100 متدرب أصبحوا ينامون أقل من ساعة في اليوم. هل تعتقدون أن هؤلاء المتدربين يعرفون ما الذي يحدث في أحلامهم؟ ربما يراودهم كابوس جماعي عن قلة النوم، لكن لا بأس! المهم أنهم يعيشون ضعف الحياة!

تجارب مخالفة الفطرة مثل أطول أظافر في العالم، وأكثف شعر «إبط»، وأقل ساعات نوم، والتحوّل الجنسي... كل ذلك لا يعوّل عليه في إنجاح أي شيء.

وفي عالم كل شيء فيه يدعو للتأمل والتساؤل عن مدى جدية ونفعية أمور مثل هذه، لكن مَنْ يهتم؟ فدايسكي يدعي أن لديه المزيد من الوقت لتحقيق أحلامه، حتى لو كانت هذه الأحلام تتضمن العيش في حالة من الشغف المتواصل وعدم القدرة على تذكر لماذا دخل إلى الغرفة!

وفي النهاية، دعونا نتساءل: هل حقاً نريد أن نكون مثل دايسكي؟ هل نريد أن نعيش ضعف الحياة مع خطر أن نصبح أشباحاً نتجوّل في عالم من اليقظة؟ أم أننا نفضل أن نأخذ قسطاً من الراحة، ونستمتع بلحظات السكون والهدوء، حتى لو كانت تلك اللحظات تعني أننا نعيش حياة واحدة فقط؟

لنختار بذكاء، ونتذكر دائماً: النوم ليس إضاعة للوقت، بل هو استثمار في صحتنا وسعادتنا... وأن كل مخالفة لفطرة الإنسان هو استثمار فاشل. وأن كل ما لم يُذكر فيه اسم الله...أبتر.

moh1alatwan@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي