خواطر صعلوك

الجواب الواعي لسؤال طالب الرفاعي

تصغير
تكبير

قرأت مقال الأستاذ طالب الرفاعي، في جريدة «القبس» والذي كان بعنوان «دعوة لأسامة المسلّم» حيث أمتعنا بمناقشة هادئة تشبه طبعه المتزن، وطرح سؤال مهم وهو: ما هي الأسباب العلمية والموضوعية لتفسير ظاهرة القارئ العربي تجاه كتابات أسامة المسلم؟ ولمن لا يعرف من هو أسامة المسلم فهو كاتب سعودي يتزاحم الشباب والشابات اليوم على رواياته بشكل يشبه تقريباً ما كان يحدث مع الكاتب أحمد خالد توفيق.

ربما أيضاً ما دفعني للبناء على مقال الأستاذ طالب الرفاعي، هو أن ابنتي تقرأ لأسامة المسلّم، ليس كتاباً أو كتابين بل تحرص على اقتناء كتبه في الحل والترحال، لدرجة أني قرأت معها أحدى رواياته، وتذكرت نفسي في بدايات الشباب مع روايات «عمو أحمد» عّراب أدب الرعب والغموض في سلسلة ما وراء الطبيعة وفانتازيا وسافاري... فما السر وراء هذه الظواهر الأدبية؟ وما علاقتها بالمرحلة العمرية؟ وما الذي يجعل المسلّم وتوفيق يتمتعان بشعبية جارفة بين الشباب؟

أعتقد أن استهداف الشريحة العمرية واضح لدى الكاتبين، فمن الواضح أن أسامة المسلّم ينجح في استهداف شريحة الشباب بشكل فعّال. هذه الفئة العمرية تبحث الألغاز وحلها وعن مغامرات جديدة، وأحداث رعب وغموض مثيرة، وقصص تلامس خيالها، تريد الهروب من الواقع بسبب الروتين الدراسي والتوقعات العائلية العالية، والإنتقال إلى أفاق تتحدى المنطق المحيط بها، ومثلما كان أحمد خالد توفيق، يفعل في رواياته، يقدّم المسلّم للشباب عوالم ساحرة ومليئة بالغموض والمغامرة التي تستثير مجموعة واسعة من العواطف سواء كان الخوف أو الفضول، مما يجعلهم يتفاعلون مع كتاباته بشغف، وهم يمرون في حياتهم أيضاً بتغيرات عاطفية واسعة.

سيبقى التحدي أمام المسلم هو المحافظة على هذه الشريحة لكي يَكبر معها مثلما فعل «عمو أحمد» رحمه الله، والذي كبر مع قرائه، بل وتطور من خلال ملاحظاتهم، وطور أسلوبه وأدواته حتى وصل إلى جنازة لا يحلم بها بعض الزعماء السياسين.

ذات يوم أرسل قارئ مراهق رسالة إلى أحمد خالد توفيق، يقول فيها أن صديقه أصبح يدخن حباً في «رفعت اسماعيل»، عندها أوقف الكاتب استخدام كل الكلمات التي تصف التدخين وتؤدي لوجوده!

وهذه أيضاً ميزة موجودة لدى المسلم، وهو التواصل المباشر مع القراء، والتفاعل معهم. وهو أحد أسرار النجاح في استقطاب جيل شبابي التواصل بالنسبة له لا يقل أهمية عن القراءة ذاتها.

وعلى الرغم من الانتقادات التي تُوجه للمسلّم من أصحاب الأدب الرفيع بخصوص موضوعات كتاباته أو حتى مهاراته في إستخدام المفردة أو الكلمة، إلا أنها جزء مهم من مرحلة النمو الشخصي والتطوير الفكري للقراء، وسيبقى التحدي مرة أخرى هو قدرة المسلم في أن يكبر وينمو مع شريحته المستهدفة في مواضيعهم و نضجهم وليس أن يكون مجرد محطة في حياتهم.

ظاهرة أسامة المسلّم وأحمد خالد توفيق لا تُعدُّ مجرد صدفة، بل هي نتاج تفاعل مع الشريحة العمرية المستهدفة والتي تبلغ في الهرم السكاني لكل دول الوطن العربي ما يقارب 70 % أحياناً، وتقديم محتوى يجذب الخيال ويتيح الهروب من الواقع ويعزز الإستقلالية عبر منحهم قصص تتحدى التقليدية والمنطق، وربما يكون الحل في توازن بين الأدب الجاد والأدب الشعبي، وبين القصص الواقعية والخيالية، لتحقيق جاذبية أوسع للأدب في العالم العربي.

ختامًا، اريد أن أشكر الاستاذ طالب الرفاعي، على إشارته نحو أهمية أن نحتفي بالكتاب الذين ينجحون في جذب القرّاء، بغض النظر عن موضوعاتهم. فكل كاتب قادر على إلهام قرّائه يستحق التقدير والاحترام... وهذا تأكيد لـ»دعوة لأسامة المسلّم». وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله...أبتر.

moh1alatwan@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي